الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} (261)

قوله : ( مَّثَلُ الذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) [ 260 ] .

قال الطبري : " هذه الآية مردودة إلى قوله : ( مَّن ذَا الذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ) وإلى الآيات التي بعدها( {[8666]} ) " .

قال( {[8667]} ) السدي : " نزلت في الذي ينفق( {[8668]} ) على نفسه في سبيل الله عز وجل ويخرج " ( {[8669]} ) . والمثل في هذه الآية إنما هو للنفقة( {[8670]} ) لا للمنفق( {[8671]} ) ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : " مثل نفقة الذين ينفقون " ، ودل " ينفقون " على النفقة فحسن حذفها( {[8672]} ) .

وروى نافع عن ابن عمر أنه قال : " لما نزلت : ( مَّثَلُ الذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ ) الآية ، قال النبي عليه السلام : " اللَّهُمَّ زِدْ أُمَّتِي " ، فنزلت :

( مَّنْ ذَا الذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفُهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رَبِّ زِدْ أُمَّتِي : فنزلت : ( اِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) " ( {[8673]} ) .

قال مالك في قوله تعالى : ( اِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )( {[8674]} ) " هو الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها " ( {[8675]} ) .

قال مالك : " وبلغني أن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد " .

قلت : والصبر على طاعة الله عز وجل وعن محارم الله تعالى أفضل من( {[8676]} ) الصبر على المصائب والفجائع . كذا ، قال عمر وغيره .

ثم قال تعالى : ( وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَّشَاءُ ) [ 260 ] .

أي ممن أنفق في غير سبيل الله ، يضاعف أيضاً إن شاء( {[8677]} ) .

وقيل : ( لِمَن يَّشَاءُ ) : هو المنفق في سبيل الله عز وجل ، يزيد على سبعمائة ضعف إلى ألفي( {[8678]} ) ألف ضعف إن شاء . روي ذلك/عن ابن عباس( {[8679]} ) .

قوله : ( وَاللَّهُ وَاسِعٌ )( {[8680]} ) [ 260 ] .

أي يزيد( {[8681]} ) من يشاء من خلقه على السبعمائة ما شاء( {[8682]} ) .

( عَلِيمٌ ) . أي عليم بما ينفق المنفقون( {[8683]} ) في سبيله .

وقيل( {[8684]} ) : عليم بمن يزيده على السبعمائة ضعف ومن لا يزيده( {[8685]} ) .


[8666]:- انظر: جامع البيان: 5/512.
[8667]:- في ع2: وقال.
[8668]:- سقط من ع3.
[8669]:- عزا الطبري هذا القول إلى ابن زيد. انظر: جامع البيان: 5/513.
[8670]:- في ع3: لنفقته. وهو تحريف.
[8671]:- في ق: المنفق. وهو تحريف.
[8672]:- انظر هذا التقدير في: تفسير القرطبي: 3/303.
[8673]:- نسبه القرطبي إلى البستي في صحيح مسنده، انظر: تفسير القرطبي: 3/302-303.
[8674]:- الزمر آية 11.
[8675]:- انظر: تفسير القرطبي: 15/241.
[8676]:- سقط من ق.
[8677]:- انظر هذين التوجيهين في جامع البيان: 5/516.
[8678]:- في ق: ألف.
[8679]:- انظر: المصدر السابق.
[8680]:- في ع3: واسع عليم.
[8681]:- في ع3: يريد. وهو تصحيف.
[8682]:- انظر هذين التوجيهين في: جامع البيان: 5/516.
[8683]:- في ق: المنافقون. وفي ع3: المنفق.
[8684]:- في ع2: قال.
[8685]:- عزا الطبري هذا القول إلى ابن زيد. انظر: جامع البيان: 5/516.