التفسير : إنه سبحانه لما ذكر من أصول المبدأ والمعاد ما اقتضاه المقام أتبعه ببيان التكاليف والأحكام . قال القاضي في كيفية النظم : إنه تعالى لما أجمل في قوله { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة }[ البقرة : 245 ] ، فصّل بعد ذلك بهذه الآية تلك الأضعاف ، وإنما ذكر بين الآيتين الأدلة على قدرته على الإحياء والإماتة لأنه لولا وجود الإله المثيب المعاقب بعد الحشر لكان التكليف بالإنفاق وسائر الطاعات عبثاً كأنه قال : قد عرفت أني خلقتك وأكملت نعمي عليك بالإحياء والإقدار ، وقد علمت قدرتي على المجازاة ، فليكن علمك بهذه الأصول داعياً إلى إنفاق الأموال فإنه يجازي القليل بالكثير ، ثم ضرب لذلك الكثير مثلاً وهو من الواحد إلى سبعمائة . وعن الأصم أنه تعالى ضرب هذا المثل بعد ما احتج على الكل بما يوجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ليرغبوا في المجاهدة بالنفس والمال في نصرته وإعلاء شريعته . وقيل : إنه تعالى لما بين أنه وليّ المؤمنين ، وأن الكفار أولياؤهم الطاغوت ، بيّن مثل ما ينفق المؤمن في سبيل الله وما ينفق الكافر في سبيل الطاغوت . قلت : لما بين صحة المعاد ولا بد له من زاد ولا يمكن التزود من الأموال التي يمتلكها العباد إلا بالإنفاق ، أتبعه أحكامه فقال { مثل الذين } ولا بد من إضمار ليصح التشبيه أي مثل صدقاتهم كمثل حبة أو مثلهم باذر حبة .
وسبيل الله دينه . فقيل الجهاد ، وقيل جميع أبواب الخير . والمنبت هو الله ، ولكن الحبة لما كنت سبباً أسند إليها الإنبات كما يسند إلى الأرض وإلى الماء . ومعنى إنباتها سبع سنابل أن تخرج ساقاً يتشعب منها سبع شعب لكل واحد سنبلة . وهذا التمثيل تصوير للأضعاف سواء وجد في الدنيا سنبلة بهذه الصفة أو لم توجد ، على أنه قد يوجد في الجاورس والذرة وغيرهما مثل ذلك . وسبع سنابل مثل ثلاثة قروء في إقامة جمع الكثرة مقام القلة . { والله يضاعف } أي تلك المضاعفة لمن يشاء لا لكل منفق لتفاوت أحوال المنفقين في الإخلاص ، أو يضاعف سبع المائة ويزيد عليها أضعافها لمن يستحق ذلك في مشيئته . { والله واسع } كامل القدرة على المجازاة لأن فيضه غير متناه { عليم } بمقادير الإنفاقات وبمواقعها ومصارفها بإخلاص صاحبها ، وإذا كان الأمر كذلك فلن يضيع عمل عامل له عنده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.