الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} (261)

{ مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ } لا بد من حذف مضاف ، أي مثل نفقتهم كمثل حبة ، أو مثلهم كمثل باذر حبة . والمنبت هو الله ، ولكن الحبة لما كانت سبباً أسند إليها الإنبات كما يسند إلى الأرض وإلى الماء . ومعنى إنباتها سبع سنابل ، أن تخرج ساقاً يتشعب منها سبع شعب ، لكل واحدة سنبلة وهذا التمثيل تصوير للإضعاف ، كأنها ماثلة بين عيني الناظر .

فإن قلت : كيف صحّ هذا التمثيل والممثل به غير موجود ؟ قلت : بل هو موجود في الدخن والذرة وغيرهما ، وربما فرخت ساق البرة في الأراضي القوية المقلة فيبلغ حبها هذا المبلغ ، ولو لم يوجد لكان صحيحاً على سبيل الفرض والتقدير .

فإن قلت : هلا قيل : سبع سنبلات ، على حقه من التمييز بجمع القلة كما قال : { وَسَبْعَ سنبلات خُضْرٍ } [ يوسف : 53 ] ؟ قلت : هذا لما قدمت عند قوله : { ثلاثة قُرُوءٍ } [ البقرة : 228 ] من وقوع أمثلة الجمع متعاورة مواقعها { والله يضاعف لِمَن يَشَاءُ } أي يضاعف تلك المضاعفة لمن يشاء ، لا لكل منفق ، لتفاوت أحوال المنفقين . أو يضاعف سَبع المائة ويزيد عليها أضعافها لمن يستوجب ذلك .