تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} (261)

ثم قال تعالى :

{ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

هذا بيان للمضاعفة التي ذكرها الله في قوله { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } وهنا قال : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } أي : في طاعته ومرضاته ، وأولاها إنفاقها في الجهاد في سبيله { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } وهذا إحضار لصورة المضاعفة بهذا المثل ، الذي كان العبد يشاهده ببصره فيشاهد هذه المضاعفة ببصيرته ، فيقوى شاهد الإيمان مع شاهد العيان ، فتنقاد النفس مذعنة للإنفاق سامحة بها مؤملة لهذه المضاعفة الجزيلة والمنة الجليلة ، { والله يضاعف } هذه المضاعفة { لمن يشاء } أي : بحسب حال المنفق وإخلاصه وصدقه وبحسب حال النفقة وحلها ونفعها ووقوعها موقعها ، ويحتمل أن يكون { والله يضاعف } أكثر من هذه المضاعفة { لمن يشاء } فيعطيهم أجرهم بغير حساب { والله واسع } الفضل ، واسع العطاء ، لا ينقصه نائل ولا يحفيه سائل ، فلا يتوهم المنفق أن تلك المضاعفة فيها نوع مبالغة ، لأن الله تعالى لا يتعاظمه شيء ولا ينقصه العطاء على كثرته ، ومع هذا فهو { عليم } بمن يستحق هذه المضاعفة ومن لا يستحقها ، فيضع المضاعفة في موضعها لكمال علمه وحكمته .