بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ} (261)

{ مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله } ؛ نزلت في شأن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما حثّ الناس على الصدقة حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك ، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم فضة وقال : يا رسول الله ، كانت لي ثمانية آلاف درهم ، فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف درهم وأربعة آلاف أقرضتها لربي . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بَارَكَ الله لَكَ فِيْمَا أَمْسَكْتَ وَفِيْمَا أَعْطَيْتَ » وقال عثمان بن عفان : يا رسول الله ، علي جهاز من لا جهاز له ، فنزلت هذه الآية { مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله } ؛ وفي الآية مضمر ، ومعناه مثل النفقة التي تنفق في سبيل الله { كَمَثَلِ حَبَّةٍ } . وطريق آخر مثل الذين ينفقون أموالهم ، كمثل زارع زرع في الأرض حبة ف { أَنبَتَتْ } الحبة { سَبْعَ سَنَابِلَ } ، أي أخرجت سبع سنابل . { فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ } ، فيكون جملتها سبعمائة . فشبه المتصدق بالزارع ، وشبه الصدقة بالبذر ، فيعطيه الله بكل صدقة سبعمائة حسنة .

ثم قال تعالى : { والله يضاعف لِمَن يَشَاء } ، أي يزيد على سبع مائة لمن يشاء ، فيكون مثل المتصدق كمثل الزارع ؛ إذا كان الزارع حاذقاً في عمله ، ويكون البذر جيداً ، وتكون الأرض عامرة ، يكون الزرع مخصباً طيباً ؛ فكذلك المتصدق ، إذا كان صالحاً ، والمال طيباً ويوضع في موضعه ، فيصير الثواب أكثر .

{ والله واسع } ، أي واسع الفضل لتلك الأضعاف ، { عَلِيمٌ } بما ينفقون وبما نووا فيها . قرأ ابن كثير وابن عامر : { والله يضعف } بتشديد العين وحذف الألف ، وقرأ الباقون { يضاعف } بالألف ؛ ومعناهما واحد . فالذي قرأ { يضعف } من التضعيف ، والذي قرأ { يضاعف } من المضاعفة .