معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

قوله تعالى : { فأخذتهم الصيحة } يعني صيحة العذاب ، { بالحق } قيل : أراد بالصيحة الهلاك . وقيل : صاح بهم جبريل صيحة فتصدعت قلوبهم ، { فجعلناهم غثاءً } وهو ما يحمله السيل من حشيش وعيدان شجر ، معناه : صيرناهم هلكى فيبسوا يبس الغثاء من نبات الأرض . { فبعداً للقوم الظالمين* }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

23

ولكن حيث لا ينفع الندم ، ولا يجدي المتاب :

( فأخذتهم الصيحة بالحق ، فجعلناهم غثاء ) . .

والغثاء ما يجرفه السيل من حشائش وأعشاب وأشياء مبعثرة ، لا خير فيها ، ولا قيمة لها ، ولا رابط بينها . . وهؤلاء لما تخلوا عن الخصائص التي كرمهم الله بها ، وغفلوا عن حكمة وجودهم في الحياة الدنيا ، وقطعوا ما بينهم وبين الملأ الأعلى . . لم يبق فيهم ما يستحق التكريم ؛ فإذا هم غثاء كغثاء السيل ، ملقى بلا احتفال ولا اهتمام وذلك من فرائد التعبير القرآني الدقيق .

ويزيدهم على هذه المهانة ، الطرد من رحمة الله ، والبعد عن اهتمام الناس :

( فبعدا للقوم الظالمين ) . .

بعدا في الحياة وفي الذكرى . في عالم الواقع وفي عالم الضمير . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

{ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ } أي : وكانوا يستحقون ذلك من الله لكفرهم وطغيانهم .

والظاهر أنه اجتمع عليهم صيحة مع الريح الصَّرْصر العاصف القويّ الباردة ، { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى{[3]} إِلا مَسَاكِنُهُمْ } [ الأحقاف : 25 ] .

وقوله : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً } أي : صرعى هَلْكى كغثاء السيل ، وهو الشيء الحقير التافه الهالك الذي لا ينتفع بشيء منه . { فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } ، كقوله{[4]} : { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ } [ الزخرف : 76 ] أي : بكفرهم وعنادهم ومخالفة رسول الله ، فليحذر السامعون أن يكذبوا رسولهم .


[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

{ فأخذتهم الصيحة } صيحة جبريل صاح عليهم صيحة هائلة تصدعت منها قلوبهم فماتوا ، واستدل به على أن القوم قوم صالح . { بالحق } بالوجه الثالث الذي لا دافع له ، أو بالعدل من الله كقولك فلان يقضي بالحق . أو بالوعد الصدق . { فجعلناهم غثاء } شبههم في دمارهم بغثاء السيل وهو حميله كقول العرب : سال به الوادي ، لمن هلك . { فبعدا للقوم الظالمين } ويحتمل الإخبار والدعاء ، وبعدا مصدر بعد إذا هلك ، وهو من المصادر التي تنصب بأفعال لا يستعمل إظهارها ، واللام لبيان من دعي عليه بالبعد ، ووضع الظاهر موضع ضميرهم للتعليل .