إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

{ فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة } لعلَّهم حين أصابتهم الرِّيحُ العقيمُ أُصيبوا في تضاعيفها بصيحةٍ هائلةٍ أيضاً . وقد رُوي أنَّ شدَّادَ بنَ عادٍ حين تمَّ بناءُ إرمَ سار إليها بأهلِه فلمَّا دنا منها بعثَ الله عليهم صيحةً من السَّماءِ فهلكُوا . وقيل : الصَّيحةُ نفسُ العذابِ والموتِ . وقيل : هي العذابُ المصطَلِمُ قال قائلُهم :

صاحَ الزَّمانُ بآلِ بَرمكَ صيحة *** خَرُّوا لشدَّتِها عَلَى الأذقانِ

{ بالحق } متعلِّقٌ بالأخذ أي بالأمر الثَّابتِ الذي لا دفاعَ له أو بالعدل من الله تعالى أو بالوعد الصِّدقِ { فجعلناهم غُثَاء } أي كغُثاءِ السَّيلِ وهو حَميلُه { فَبُعْداً لّلْقَوْمِ الظالمين } إخبار أو دعاء وبُعداً من المصادر التي لا يكادُ يُستعمل ناصبُها . والمعنى بعدُوا بُعداً ، أي هلكُوا . واللامُ لبيانِ مَن قيلَ له : بُعداً ووضعُ الظَّاهر موضعَ الضَّميرِ للتَّعليلِ .