السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

{ فأخذتهم الصيحة } أي : صيحة العذاب والهلاك كائنة { بالحق } أي : الأمر الثابت من العذاب الذي لا يمكن مدافعته لهم ولا لغيرهم غير الله تعالى فماتوا ، وقيل : صيحة جبريل عليه السلام ، ويكون القوم ثمود على الخلاف السابق { فجعلناهم } بسبب الصيحة { غثاء } أي : مطروحين ميتين كما يطرح الغثاء شبهوا في دمارهم بالغثاء وهو حميل السيل مما بلي واسودّ من الورق والعيدان ومنه قوله : { فجعله غثاء أحوى } [ الأعلى ، 5 ]

أي : أسود يابساً ، ولما كان هلاكهم على هذا الوجه سبباً لهوانهم عبر عنه بقوله تعالى : { فبعداً } أي : هلاكاً وطرداً عن الرحمة { للقوم الظالمين } الذين وضعوا قوّتهم التي كان يجب عليهم بذلها في نصر الرسل في خذلانهم .

تنبيه : يحتمل هذا الدعاء عليهم والإخبار عنهم ، ووضع الظاهر موضع ضميرهم للتعليل وبعداً وسحقاً ونفراً وتخويفاً ونحوها مصادر موضوعة مواضع أفعالها وهي من جملة المصادر التي قال سيبويه : نصبت بأفعال لا يستعمل إظهارها .