الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

{ الصيحة } صيحة جبريل عليه السلام : صاح عليهم فدمّرهم { بالحق } بالوجوب ؛ لأنهم قد استوجبوا الهلاك . أو بالعدل من الله ، من قولك : فلان يقضي بالحق إذا كان عادلاً في قضاياه : { فجعلناهم غُثَآءً } شبههم في دمارهم بالغثاء : وهو حميل السيل مما بلي واسودّ من العيدان والورق . ومنه قوله تعالى : { فَجَعَلَهُ غُثَاء أحوى } [ الأعلى : 5 ] وقد جاء مشدّداً في قول امريء القيس :

مِنَ السَّيْلِ وَالْغُثَّاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ ***

بعداً ، وسحقاً ، ودفراً ونحوها ؛ مصادر موضوعة مواضع أفعالها ، وهي من جملة المصادر التي قال سيبويه : نصبت بأفعال لا يستعمل إظهارها . ومعنى { فَبُعْدًا } : بعدوا ، أي : هلكوا يقال : بعد بعداً وبعداً ، نحو رشد رشداً ورشداً . و { لّلْقَوْمِ الظالمين } بيان لمن دعي عليه بالبعد ، نحو : { هَيْتَ لَكَ } [ يوسف : 23 ] . و { لِمَا تُوعَدُونَ } [ المؤمنون : 36 ] .