تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

41 - فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .

الصيحة : العذاب الشديد ، كما قال الشاعر :

صاح الزمان بآل برمك صيحة *** خروا لشدتها على الأذقان .

الغثاء : ما يحمله السيل من الورق والعيدان البالية ، وأصل الغثاء : نبت يبس ، أي : صيرناهم مثله في اليبس .

بعدا : من الرحمة وهلاكا .

للقوم الظالمين : المكذبين .

فأخذهم العذاب العادل جزاء كفرهم وعنادهم ، حيث صاح بهم جبريل صيحة رجفت لها الأرض من تحتهم ؛ فصاروا لشدتها غثاء كغثاء السيل ، وهو الشيء التافه الحقير الذي لا ينتفع منه بشيء .

فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .

أي : فأبعد الله القوم الكافرين بهلاكهم ، إذ كفروا بربهم وعصوا رسوله وظلموا أنفسهم ، ولفظ : بعدا قد يراد به الدعاء أي : فهلاكا لهم ، بمعنى : أهلكهم يالله إهلاكا ، وقد يراد به الإخبار بمعنى : فبعدوا بعدا من رحمة الله القريبة من المحسنين ، بعدوا بهلاكهم من كل خير أو من النجاة .

ونلحظ أن القرآن الكريم لم يقل : فبعدا لهم ، وإنما قال : فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . لبيان أن علة إبعادهم هي ظلمهم لأنفسهم ، بتكذيب رسولهم وعدم الاستجابة لدعوته .