معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

قوله تعالى : { من خشي الرحمن بالغيب } محل " من " جر على نعت الأواب . وقيل : رفع على الاستئناف ، ومعنى الآية : من خاف الرحمن وأطاعه بالغيب ولم يره . وقال الضحاك والسدي : يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد . قال الحسن : إذا أرخى الستر وأغلق الباب . { وجاء بقلب منيب } مخلص مقبل إلى طاعة الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

16

( هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ) . . فيوصفون هذه الصفة من الملأ الأعلى ، ويعلمون أنهم في ميزان الله أوابون ، حفيظون ، يخشون الرحمن ولم يشهدوه ، منيبون إلى ربهم طائعون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } أي : من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله . كقوله [ عليه السلام ] {[27347]} ورجل ذكر الله خاليا ، ففاضت عيناه " .

{ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } أي : ولقي الله يوم القيامة بقلب سليم منيب إليه خاضع لديه .


[27347]:- (9) زيادة من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

وقوله : مَنْ خَشِيَ الرّحْمَنَ بالغَيْبِ يقول : من خاف الله في الدنيا من قبل أن يلقاه ، فأطاعه ، واتبع أمره .

وفي مَن في قوله : مَنْ خَشِيَ وجهان من الإعراب : الخفض على إتباعه كلّ في قوله : لِكُلّ أوّابٍ والرفع على الاستئناف ، وهو مراد به الجزاء من خشي الرحمن بالغيب ، قيل له ادخل الجنة فيكون حينئذ قوله : ادْخُلُوها بِسَلامٍ جوابا للجزاء أضمر قبله القول ، وجعل فعلاً للجميع ، لأن مَن قد تكون في مذهب الجميع .

وقوله : وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ يقول : وجاء الله بقلب تائب من ذنوبه ، راجع مما يكرهه الله إلى ما يرضيه . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ : أي منيب إلى ربه مُقْبل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

{ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب } بعد بدل أو بدل من موصوف { أواب } ، ولا يجوز أن يكون في حكمه لأن { من } لا يوصف به أو مبتدأ خبره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

و{ من خشي الرحمن بالغيب } بدل من { كل أوّاب } . والخشية : الخوف . وأطلقت الخشية على أثرها وهو الطاعة .

والباء في { بالغيب } بمعنى ( في ) الظرفية لتنزيل الحال منزلة المكان ، أي الحالة الغائبة وهي حالة عدم اطِّلاع أحد عليه ، فإن الخشية في تلك الحالة تدل على صدق الطاعة لله بحيث لا يرجو ثناء أحد ولا عقاب أحد فيتعلق المجرور بالتاء بفعل { خشي } .

ولك أن تبقي الباء على بعض معانيها الغالبة وهي الملابسة ونحوها ويكون { الغيب } مصدراً والمجرور حالاً من ضمير { خشي } .

ومعنى { وجاء بقلب منيب } أنه حضر يوم الحشر مصاحباً قلبَه المنيب إلى الله ، أي مات موصوفاً بالإنابة ولم يُبطل عمله الصالح في آخر عمره ، وهذا كقوله حكاية عن إبراهيم { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } [ الشعراء : 88 ، 89 ] .

وإيثار اسمه { الرحمن } في قوله : { من خشي الرحمن } دون اسم الجلالة للإشارة إلى أن هذا المتقي يخشى الله وهو يعلم أنه رحمان ، ولقصد التعريض بالمشركين الذين أنكروا اسمه الرحمان { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان } [ الفرقان : 60 ] .

والمعنى على الذين خَشُوا : خشي صاحب هذا الاسم ، فأنتم لا حَظَّ لكم في الجنة لأنكم تنكرون أن الله رحمان بَلْهَ أن تخْشَوْه .

ووصفُ قلب ب { مُّنِيب } على طريقة المجاز العقلي لأن القلب سبب الإنابة لأنه الباعث عليها .