غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ} (33)

1

قوله { من خشي } قد مر وجوه إعرابه في الوقوف . وجوز أن يكون منادي كقولهم " من لا يزال محسناً أحسن إليّ " وحذف حرف النداء للتقريب والترحيب ، وقرن بالخشية اسمه الدال على وفور الرحمة للثناء على الخاشي من جهة الخشية أوّلاً ومن جهة خشيته مع علمه بسعة جوده ورحمته ومن جهة الخشية مع الغيب وقد مر مراراً ، وقد يقال : إنها الخشية في الخلوة حيث لا يراه أحد . قال أهل الاشتقاق : إن تركيب خ ش ى يلزمها الهيبة ومنه للسيد ولكبير السن وتركيب الخوف يدل على الضعف ومنه الخفاء ، وكل موضع ذكر فيه الخشية أريد بها معنى عظمة المخشي عنه ، وكل موضع ذكر فيه الخوف فإنه أريد ضعف الخائف كقوله

{ يخافون ربهم من فوقهم } [ النحل : 50 ] أو ضعف المخوف منه كقوله { لا تخف ولا تحزن } [ العنكبوت : 33 ] يريد أنه لا عظمة لهم وقال { إنا نخاف من ربنا يوماً } [ الإنسان : 10 ] لأن عظمة اليوم بالنسبة إلى عظمة الله هينة . ووصف القلب بالمنيب باعتبار صاحبه أو لأن الإنابة المعتبرة هي الرجوع إلى الله بالقلب لا اللسان والجوارح .

/خ45