( الرحمن الرحيم ) . . هذه الصفة التي تستغرق كل معاني الرحمة وحالاتها ومجالاتها تتكرر هنا في صلب السورة ، في آية مستقلة ، لتؤكد السمة البارزة في تلك الربوبية الشاملة ؛ ولتثبت قوائم الصلة الدائمة بين الرب ومربوبيه . وبين الخالق ومخلوقاته . . إنها صلة الرحمة والرعاية التي تستجيش الحمد والثناء . إنها الصلة التي تقوم على الطمأنينة وتنبض بالمودة ، فالحمد هو الاستجابة الفطرية للرحمة الندية .
إن الرب الإله في الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها كما تصورها أساطير الإغريق . ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في " العهد القديم " كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين .
قال أبو جعفر : قد مضى البيان عن تأويل قوله «الرحمن الرحيم » ، في تأويل «بسم الله الرحمن الرحيم » ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . ولم يحتج إلى الإبانة عن وجه تكرير الله ذلك في هذا الموضع ، إذ كنا لا نرى أن «بسم الله الرحمن الرحيم » من فاتحة الكتاب آية ، فيكون علينا لسائلٍ مسألة بأن يقول : ما وجه تكرير ذلك في هذا الموضع ، وقد مضى وصف الله عزّ وجلّ به نفسه في قوله «بسم الله الرحمن الرحيم » ، مع قرب مكان إحدى الاَيتين من الاَخرى ومجاورتها لصاحبتها ؟ بل ذلك لنا حجة على خطأ دعوى من ادعى أن بسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب آية ، إذ لو كان ذلك كذلك لكان ذلك إعادة آية بمعنى واحد ولفظ واحد مرتين من غير فصل يفصل بينهما . وغير موجود في شيء من كتاب الله آيتان متجاورتان مكرّرتان بلفظ واحد ومعنى واحد ، لا فصل بينهما من كلام يخالف معناه معناهما ، وإنما يأتي بتكرير آية بكمالها في السورة الواحدة ، مع فصول تفصل بين ذلك ، وكلام يُعترض به بغير معنى الاَيات المكرّرات أو غير ألفاظها ، ولا فاصل بين قول الله تبارك وتعالى اسمه «الرحمن الرحيم » من «بسم الله الرحمن الرحيم » ، وقول الله : «الرحمن الرحيم » ، من «الحمد لله رب العالمين » .
فإن قال قائل : فإن «الحمد لله رب العالمين » فاصل بين ذلك . قيل : قد أنكر ذلك جماعةٌ من أهل التأويل ، وقالوا : إن ذلك من الموخّر الذي معناه التقديم ، وإنما هو : الحمد لله الرحمن الرحيم رب العالمين ملك يوم الدين . واستشهدوا على صحة ما ادّعوا من ذلك بقوله : «مَلِكِ يَوْم الدّين » فقالوا : إن قوله : «ملك يوم الدين » تعليم من الله عبده أن يصفه بالمُلْك في قراءة من قرأ مَلِك ، وبالمِلْك في قراءة من قرأ «مالك » .
قالوا : فالذي هو أولى أن يكون مجاور وَصْفه بالمُلْك أو المِلْك ما كان نظير ذلك من الوصف ، وذلك هو قوله «رَبّ العالمين » ، الذي هو خبر عن ملكه جميع أجناس الخلق ، وأن يكون مجاور وصفه بالعظمة والألوهة ما كان له نظيرا في المعنى من الثناء عليه ، وذلك قوله : الرّحْمَنِ الرّحيم . فزعموا أن ذلك لهم دليل على أن قوله «الرحمن الرحيم » بمعنى التقديم قبل «رب العالمين » ، وإن كان في الظاهر مؤخرا . وقالوا : نظائر ذلك من التقديم الذي هو بمعنى التأخير والمؤخر الذي هو بمعنى التقديم في كلام العرب أفشى وفي منطقها أكثر من أن يحصى ، من ذلك قول جرير بن عطية :
طافَ الخَيالُ وأيْنَ منْكَ لِمَاما *** فارْجِعْ لزَوْرِكَ بالسّلام سَلاما
بمعنى طاف الخيال لماما وأين هو منك . وكما قال جل ثناؤه في كتابه : { الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتابَ وَلمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجا قَيّما } المعنى : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا ، وما أشبه ذلك . ففي ذلك دليل شاهد على صحة قول من أنكر أن تكون «بسم الله الرحمن الرحيم » من فاتحة الكتاب آية .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر؛ {الرحمن} يعني المترحم، {الرحيم} يعني المتعطف بالرحمة...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة صفة أزلية وهي إرادة النعمة، وهما اسمان موضوعان للمبالغة، ولا فضل بينهما عند أهل التحقيق.
جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :
... ذكر الرحمة بعد ذكر "العالمين"، وقبل ذكر {ملك يوم الدين} ينطوي على فائدتين عظيمتين في تفصيل مجاري الرحمة:
إحداهما: تلتفت إلى خلق رب العالمين، فإنه خلق كل واحد منهم على أكمل أنواعه وأفضلها، وآتاه كل ما يحتاج إليه.
وثانيهما: تعلقها بقول {ملك يوم الدين}، فيشير إلى الرحمة في المعاد يوم الجزاء عند الإنعام بالملك المؤبد...
[و] الرحمة ترجع إلى الإرادة مضافة إلى قضاء حاجة المحتاج الضعيف...
...الرحمة عبارة عن التخليص من أنواع الآفات، وعن إيصال الخيرات إلى أصحاب الحاجات...
جهود القرافي في التفسير 684 هـ :
يحتمل في "الرحمن الرحيم "أنه يريد الإحسان، أو الإحسان نفسه... قال العلماء: وللكافر من هذه الرحمة حظـ، وذلك الحظ هو تأخير العذاب عنه إلى يوم القيامة بسبب إرساله عليه السلام...
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
"الرحمن الرحيم": هما مع قوله {رب العالمين} صفات مدح، لأن ما قبلهما علم لم يعرض في التسمية به اشتراك فيخصص، وبدأ أولاً بالوصف بالربوبية؛ فإن كان الرب بمعنى السيد، أو بمعنى المالك، أو بمعنى المعبود، كان صفة فعل للموصوف بها التصريف في المسود والمملوك والعابد بما أراد من الخير والشر، فناسب ذلك الوصف بالرحمانية والرحيمية، لينبسط أمل العبد في العفو إن زل، ويقوى رجاؤه إن هفا...
وفي تكرار الرحمن الرحيم إن كانت التسمية آية من الفاتحة تنبيه على عظم قدر هاتين الصفتين وتأكيد أمرهما...
قدم أولا الوصف برَبّ العَالمِينَ تنبيها على أصل النشأة، وأنه هو الخالق المبدئ، ثم ثنى بحال الإنسان في الدّنيا من النعم والإحسان، فلولا رحمة الله تعالى لما كان ذلك...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كانت مرتبة الربوبية لا تستجمع الصلاح إلا بالرحمة، أتبع ذلك بصفتي {الرحمن الرحيم} ترغبياً في لزوم حمده، وهي تتضمن تثنية تفصيل ما شمله الحمد أصلاً...
السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني 977 هـ :
{الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين} ذكر سبحانه وتعالى في هذه السورة من أسمائه خمسة: الله، والرب، والرحمن، والرحيم، والمالك. والسبب فيه كأنه يقول: خلقتك أوّلاً، فأنا الله، ثم ربيتك بوجود النعمة، فأنا رب، ثم عصيت فسترت عليك، فأنا رحمن، ثم تبت عليك، فأنا رحيم، ثم لا بدّ من إيصال الجزاء إليك، فأنا مالك يوم الدين. فإن قيل: إنه تعالى ذكر الرحمن الرحيم في التسمية، ثم ذكرهما مرّة ثانية دون الأسماء الثلاثة الباقية، فما الحكمة في ذلك؟ أجيب بأنّ الحكمة في ذلك كأنه قال تعالى: اذكر أني إله ورب مرّة واحدة، واذكر أني رحمن رحيم مرّتين، ليعلم أنّ العناية بالرحمة أكثر منه بسائر الأمور...
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{الرحمن الرحيم} صفتان لله، فإن أريد بما فيهما من الرحمة ما يختص بالعقلاء من العالمين، أو ما يَفيضُ على الكل بعد الخروج إلى طوْر الوجودِ من النعم، فوجهُ تأخيرِهما عن وصف الربوبية ظاهر. وإن أريد ما يعمّ الكلَّ في الأطوار كلِّها حسبما في قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شيء} [الأعراف، الآية 156] فوجهُ الترتيب أن التربية لا تقتضي المقارنة للرحمة، فإيرادُهما في عقبها للإيذان بأنه تعالى متفضلٌ فيها، فاعلٌ بقضية رحمتِه السابقةِ من غير وجوبٍ عليه، وبأنها واقعةٌ على أحسنِ ما يكون، والاقتصارُ على نعته تعالى بهما في التسمية لما أنه الأنسبُ بحال المتبرِّك المستعين باسمه الجليل، والأوفقُ لمقاصده...
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
{الرحمن الرحيم} إيرادهما عقب وصف الربوبية من باب قرن الترغيب بالترهيب الذي هو أسلوب التنزيل الحكيم...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
النكتة في [إعادة {الرحمان الرحيم}] ظاهرة وهي أن تربيته تعالى للعالمين ليست لحاجة به إليهم، كجلب منفعة أو دفع مضرة، وإنما هي لعموم رحمته وشمول إحسانه.
وثم نكتة أخرى، وهي أن البعض يفهم من معنى الرب الجبروت والقهر، فأراد الله تعالى أن يذكرهم برحمته وإحسانه، ليجمعوا بين اعتقاد الجلال والجمال، فذكر الرحمان، وهو المفيض للنعم بسعة وتجدد لا منتهى لهما، والرحيم الثابت له وصف الرحمة لا يزايله أبدا. فكأن الله تعالى أراد أن يتحبب إلى عباده، فعرفهم أن ربوبيته ربوبية رحمة وإحسان، ليعلموا أن هذه الصفة هي التي ربما يرجع إليها معنى الصفات، وليتعلقوا به ويقبلوا على اكتساب مرضاته، منشرحة صدورهم، مطمئنة قلوبهم.
ولا ينافي عموم الرحمة وسبقها ما شرعه الله من العقوبات في الدنيا، وما أعده من العذاب في الآخرة، للذين يتعدون الحدود، وينتهكون الحرمات، فإنه وإن سمي قهرا بالنسبة لصورته ومظهره، فهو في حقيقته وغايته من الرحمة، لأن فيه تربية للناس وزجرا لهم عن الوقوع فيما يخرج عن حدود الشريعة الإلهية، وفي الانحراف عنها شقاؤهم وبلاؤهم، وفي الوقوف عندها سعادتهم ونعيمهم، والوالد الرؤوف يربي ولده بالترغيب فيما ينفعه والإحسان عليه إذا قام به، وربما لجأ إلى الترهيب والعقوبة إذا اقتضت ذلك الحال، ولله المثل الأعلى، لا إله إلا هو، وإليه يرجعون...
والحاصل أن معنى الرحمة في بسملة كل سورة هو أن السورة منزلة برحمة الله وفضله فلا يعد ما عساه يكون في أول السورة أو أثنائها من ذكر الرحمة مكررا مع ما في البسملة، وإن كان مقرونا بذكر التنزيل كأول سورة فصلت {حم تنزيل من الرحمان الرحيم} لأن الرحمة في البسملة للمعنى العام في الوحي والتنزيل، وفي السور للمعنى الخاص الذي تبينه السورة وقد لاحظ هذا المعنى من قال إن البسملة آية مستقلة فاصلة بين السور. وأما من قال إنها آية من كل سورة فمراده أنها تقرأ عند الشروع في قراءتها، وأن من حلف ليقرأن سورة كذا لا يبرأ إلا إذا قرأ البسملة معها، وأن الصلاة لا تصح إلا بقراءتها أيضا...
هذا – وأما حظ العبد من وصف الله بالربوبية، فهو بحمده تعالى عليه وبشكره له باستعمال نعمه التي تتربى بها القوى الجسدية والعقلية فيما خلقت لأجله، فليحسن تربية نفسه وتربية من يوكل إليه تربيته من أهل وولد ومريد وتلميذ، وباستعمال نعمته بهداية الدين في تربية نفسه الروحية والاجتماعية، وكذا تربية من يوكل إليه تربيتهم. وأن لا يبغي كما بغى فرعون فيدعي أنه رب الناس، وكما بغى فراعنة كثيرون، ولا يزالون يبغون بجعل أنفسهم شارعين يتحكمون في دين الناس بوضع العبادات التي لم ينزلها الله تعالى، وبقولهم هذا حلال، وهذا حرام من عند أنفسهم أو من عند أمثالهم، فيجعلون أنفسهم شركاء لله في ربوبيته. قال تعالى {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} وفسر النبي صلى الله عليه وسلم اتخاذ أهل الكتاب أحبارهم ورهبانهم أربابا بمثل هذا.
وأما حظ العبد من وصف الله بالرحمة فهو أن يطالب نفسه بأن يكون رحيما بكل من يراه مستحقا للرحمة من خلق الله تعالى حتى الحيوان الأعجم، وأن يتذكر دائما أنه يستحق بذلك رحمة الله تعالى، قال صلى الله عليه سلم "إنما يرحم الله من عباده الرحماء "رواه الطبراني عن جرير بسند صحيح. وقال "الراحمون يرحمهم الرحمان تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم، من حديث ابن عمر...
ومن مباحث اللغة أن لفظ الرحمان خاص بالله تعالى كلفظ الجلالة. قالوا لم يسمع عن أحد من العرب أنه أطلقه على غير الله تعالى، وكذلك لفظ "رحمان" غير معرّف، قالوا لم يرد إطلاقه على غير الله تعالى إلا في شعر لبعض الذين فتنوا بمسيلمة الكذاب، وقيل إن هذا تعنت وغلو، لا من الاستعمال المعروف عند العرب. وأما العرب فكانت تطلق لفظ رب على الناس، يقولون: رب الدار ورب هذه الأنعام مثلا لا رب الأنعام مطلقا... ويرى بعض العلماء أن هذا الاستعمال ممنوع في الإسلام، واستدل بالنهي في الحديث عن قول المملوك لسيده "ربي" والصواب أن يمنع ما ورد النص به كهذا الاستعمال وما من شأنه ألا يقال إلا في البارئ تعالى كلفظ الرب بالتعريف مطلقا ولفظ رب الناس، رب المخلوقات، رب العالمين وما أشبه ذلك...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
.. هذه الصفة التي تستغرق كل معاني الرحمة وحالاتها ومجالاتها تتكرر هنا في صلب السورة، في آية مستقلة، لتؤكد السمة البارزة في تلك الربوبية الشاملة، ولتثبت قوائم الصلة الدائمة بين الرب ومربوبيه، وبين الخالق ومخلوقاته. إنها صلة الرحمة والرعاية التي تستجيش الحمد والثناء. إنها الصلة التي تقوم على الطمأنينة وتنبض بالمودة، فالحمد هو الاستجابة الفطرية للرحمة الندية.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وتقديم الرحمن على الرحيم لأن الصيغة الدالة على الاتصاف الذاتي أولى بالتقديم في التوصيف من الصفة الدالة على كثرة متعلقاتها...
وإجراء هذين الوصفين العليين على اسم الجلالة بعد وصفه بأنه رب العالمين لمناسبة ظاهرة للبليغ، لأنه بعد أن وصف بما هو مقتضى استحقاقه الحمد من كونه رب العالمين، أي مدبر شؤونهم ومبلغهم إلى كمالهم في الوجودين الجثماني والروحاني، ناسب أن يتبع ذلك بوصفه بالرحمن؛ أي الذي الرحمة له وصف ذاتي تصدر عنه آثاره بعموم واطراد على ما تقدم، فلما كان رباً للعالمين، وكان المربوبون ضعفاء، كان احتياجهم للرحمة واضحاً وكان ترقبهم إياها من الموصوف بها بالذات ناجحاً.
فإن قلت إن الربوبية تقتضي الرحمة لأنها إبلاغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً وذلك يجمع النعم كلها، فلماذا احتيج إلى ذكر كونه رَحماناً؟ قلت: لأن الرحمة تتضمن أن ذلك الإبلاغ إلى الكمال لم يكن على وجه الإعنات، بل كان برعاية ما يناسب كل نوع وفرد ويلائم طوقه واستعداده، فكانت الربوبية نعمة، والنعمة قد تحصل بضرب من الشدة والأذى، فأتبع ذلك بوصفه بالرحمن تنبيهاً على أن تلك النعم الجليلة وصلت إلينا بطريق الرفق واليسر ونفي الحرج، حتى في أحكام التكاليف والمناهي والزواجر فإنها مرفوقة باليسر بقدر ما لا يبطل المقصود منها، فمعظم تدبيره تعالى بنا هو رحمات ظاهرة، كالتمكين من الأرض وتيسير منافعها، ومنه ما رحمته بمراعاة اليسر بقدر الإمكان مثل التكاليف الراجعة إلى منافعنا كالطهارة وبث مكارم الأخلاق، ومنها ما منفعته للجمهور فتتبعها رحمات الجميع، لأن في رحمة الجمهور رحمة بالبقية في انتظام الأحوال كالزكاة...
من موجبات الحمد أن الله سبحانه وتعالى رحمن رحيم.. يعطي نعمه في الدنيا لكل عباده عطاء ربوبية، وعطاء الربوبية للمؤمن والكافر، وعطاء الربوبية لا ينقطع إلا عندما يموت الإنسان..
والله لا يحجب نعمه عن عبيده في الدنيا.. ونعم الله لا تعد ولا تحصى...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ما نضيفه هنا هو أن هاتين الصفتين تتكرران في البسملة والحمد، «والملتزمون» بذكر البسملة في السّورة بعد الحمد يكررون هاتين الصفتين في صلواتهم اليومية الواجبة ثلاثين مرّة. وبذلك يصفون الله برحمته ستين مرّة يومياً. وهذا في الواقع درس لكل جماعة بشرية سائرة على طريق الله، وتواقة للتخلق بأخلاق الله. إنه درس يبعد البشرية عن تلك الحالات التي شهدها تاريخ الرق في ظل القياصرة والأكاسرة والفراعنة. القرآن يركز على علاقة الرحمة والرأفة بين ربّ العباد والعباد، حيث يقول:} قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً {(الزمر،53). هذه العلاقة نستحضرها مرات يومياً إذ نقول:"اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" لنربّي أنفسنا تربية صحيحة في علاقتنا بالله، وفي علاقتنا بأبناء جنسنا.