إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (3)

{ الرحمن الرحيم } صفتان لله ، فإن أريد بما فيهما من الرحمة ما يختص بالعقلاء من العالمين ؛ أو ما يَفيضُ على الكل بعد الخروج إلى طوْر الوجودِ من النعم ، فوجهُ تأخيرِهما عن وصف الربوبية ظاهر ، وإن أريد ما يعمّ الكلَّ في الأطوار كلِّها حسبما في قوله تعالى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شيء } [ الأعراف ، الآية 156 ] فوجهُ الترتيب أن التربية لا تقتضي المقارنة للرحمة ، فإيرادُهما في عقبها للإيذان بأنه تعالى متفضلٌ فيها ، فاعلٌ بقضية رحمتِه السابقةِ من غير وجوبٍ عليه ، وبأنها واقعةٌ على أحسنِ ما يكون ، والاقتصارُ على نعته تعالى بهما في التسمية لما أنه الأنسبُ بحال المتبرِّك المستعين باسمه الجليل ، والأوفقُ لمقاصده .