فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (3)

{ الرحمن الرحيم } قد تقدم تفسيرهما . قال القرطبي : وصف نفسه تعالى بعد ربّ العالمين بأنه الرحمن الرحيم ، لأنه لما كان في اتصافه بربّ العالمين ترهيب ، قرنه بالرحمن الرحيم لما تضمن من الترغيب ، ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه ، فيكون أعون على طاعته ، وأمنع ، كما قال تعالى : { نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور الرحيم * وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الأليم } [ الحجر : 49 ، 50 ] وقال : { غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب } [ غافر : 3 ] .

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قَنَط من جنته أحد » انتهى .

وقد أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : { الحمد للَّهِ رَبّ العالمين } قال : ما وصف من خلقه ، وفي قوله { الرحمن الرحيم } ، قال : مدح نفسه .