قوله تعالى : { أفرأيتم اللات والعزى } هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها ، اشتقوا لها من أسماء الله تعالى فقالوا من الله : اللات ، ومن العزيز : العزى . وقيل : العزى ، تأنيث الأعز ، أما اللات قال قتادة : كانت بالطائف ، وقال ابن زيد : ببطن نخلة كانت قريش تعبده . وقرأ ابن عباس ومجاهد وأبو صالح : اللات بتشديد التاء ، وقالوا : كان رجلا يلت السويق للحاج ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه . وقال مجاهد ، كان في رأس جبل له غنيمة يسلأ منها السمن ويأخذ منها الأقط ، ويجمع رسلها ثم يتخذ منها حيساً فيطعم منه الحاج ، وكان ببطن نخلة ، فلما مات عبدوه ، وهو اللات . وقال الكلبي : كان رجلاً من ثقيف يقال له صرمة بن غنم ، وكان يسلأ السمن فيضعها على صخرة ثم تأتيه العرب فتلت به أسوقتهم ، فلما مات الرجل حولتها ثقيف إلى منازلها فعبدتها ، فعمدت الطائف على موضع اللات . وأما العزى قال مجاهد : هي شجرة بغطفان كانوا يعبدونها ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها فجعل خالد بن الوليد يضربها بالفأس ويقول : يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية بويلها واضعة يدها على رأسها . ويقال : " إن خالداً رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد قلعتها ، فقال : ما رأيت ؟ قال : ما رأيت شيئاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما قلعت ، فعاد ومعه المعول فقلعها واجتث أصلها فخرجت منها امرأة عريانة ، فقتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك ، فقال : تلك العزى ولن تعبد أبداً " . وقال الضحاك : هي صنم لغطفان وضعها لهم سعد بن سالم الغطفاني ، وذلك أنه قدم مكة فرأى الصفا والمروة ، ورأى أهل مكة يطوفون بينهما ، فعاد إلى بطن نخلة ، وقال لقومه :إن لأهل مكة الصفا والمروة وليستا لكم ولهم إله يعبدونه وليس لكم ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : أنا أصنع لكم كذلك ، فأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة ونقلهما إلى نخلة ، فوضع الذي أخذه من الصفا ، فقال : هذا الصفا ، ثم وضع الذي أخذه من المروة ، فقال : هذه المروة ، ثم أخذ ثلاثة أحجار فأسندها إلى شجرة ، فقال : هذا ربكم ، فجعلوا يطوفون بين الحجرين ويعبدون الحجارة ، حتى افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، فأمر برفع الحجارة ، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى فقطعها . وقال ابن زيد : هي بيت بالطائف كانت تعبده ثقيف .
ذلك هو الأمر المستيقن ، الذي يدعوهم إليه محمد [ صلى الله عليه وسلم ] فأما هم فعلام يستدنون في عبادتهم وآلهتهم وأساطيرهم ? علام يستندون في عبادتهم لللات والعزى ومناة ? وفي ادعائهم الغامض أنهن ملائكة ، وأن الملائكة بنات الله ? وأن لهن شفاعة ترتجى عند الله ? إلى أي بينة ? وإلى أية حجة ? وإلى أي سلطان يرتكنون في هذه الأوهام ? هذا ما يعالجه المقطع الثاني في السورة :
أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى . ألكم الذكر وله الأنثى ? تلك إذن قسمة ضيزى ! إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل الله بها من سلطان . إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى . أم للإنسان ما تمنى ? فلله الآخرة والأولى . وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا َ ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى . وما لهم به من علم ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . .
وكانت( اللات )صخرة بيضاء منقوشة ، وعليها بيت بالطائف له أستار وسدنة ، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها ، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب عدا قريش لأن عندهم الكعبة بيت إبراهيم عليه السلام . ويظن ان اسمها [ اللات ] مؤنث لفظ الجلالة " الله " . سبحانه وتعالى .
وكانت [ العزى ] شجرة عليها بناء وأستار بنخلة - وهي بين مكة والطائف - وكانت قريش تعظمها . كما قال أبو سفيان يوم أحد . لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " . ويظن أن اسمها [ العزى ] مؤنث( العزيز ) . .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّىَ * وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الاُخْرَىَ * أَلَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الاُنْثَىَ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىَ } .
يقول تعالى ذكره : أفرأيتم أيها المشركون اللاّت ، وهي من الله ألحقت فيه التاء فأنثت ، كما قيل عمرو للذكر ، وللأنثى عمرة وكما قيل للذكر عباس ، ثم قيل للأنثى عباسة ، فكذلك سمى المشركون أوثانهم بأسماء الله تعالى ذكره ، وتقدّست أسماؤه ، فقالوا من الله اللات ، ومن العزيز العُزّى وزعموا أنهن بنات الله ، تعالى الله عما يقولون وافتروا ، فقال جلّ ثناؤه لهم : أفرأيتم أيها الزاعمون أن اللات والعُزّى ومناة الثالثة بناتُ الله ألَكُمُ الذّكَرُ يقول : أتختارون لأنفسكم الذكرَ من الأولاد ، وتكرهون لها الأنثى ، وتجعلون لَهُ الأُنْثَى التي لا ترضونها لأنفسكم ، ولكنكم تقتلونها كراهة منكم لهنّ .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : اللات فقرأته عامة قرّاء الأمصار بتخفيف التاء على المعنى الذي وصفتُ .
وذُكر أن اللات بيت كان بنخلة تعبده قريش . وقال بعضهم : كان بالطائف . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أفَرَأيْتُمُ اللاّتَ والعُزّى أما اللات فكان بالطائف .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أفَرأيْتُمُ اللات والعُزّى قال : اللات بيت كان بنخلة تعبده قريش .
وقرأ ذلك ابن عباس ومجاهد وأبو صالح «اللاّتّ » بتشديد التاء وجعلوه صفة للوثن الذي عبدوه ، وقالوا : كان رجلاً يَلُتّ السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه . ذكر الخبر بذلك عمن قاله :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد «أفَرأيْتُمُ اللاّتّ والعُزّى » قال : كان يَلُتّ السويق للحاجّ ، فعكف على قبره .
قال : ثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد «أفَرأيْتُمُ اللاّتّ » قال : اللاّتّ : كان يلتّ السويق للحاجّ .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد «اللاّتّ » قال : كان يَلُتّ السويق فمات ، فعكفوا على قبره .
حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : اللاّتّ قال : رجل يلتّ للمشركين السويق ، فمات فعكفوا على قبره .
حدثنا أحمد بن هشام ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي صالح ، في قوله : «اللاّتّ » قال : اللاتّ : الذي كان يقوم على آلهتهم ، يَلُتّ لهم السويق ، وكان بالطائف .
حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن أبي الأشهب ، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ، قال : كان يلتّ السويق للحاجّ .
وأولى القراءتين بالصواب عندنا في ذلك قراءة من قرأه بتخفيف التاء على المعنى الذي وصفت لقارئه كذلك لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه . وأما العُزّى فإن أهل التأويل اختلفوا فيها ، فقال بعضهم : كان شجرات يعبدونها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد والعُزّى قال : العُزّى : شُجيرات .
وقال آخرون : كانت العُزّى حَجَرا أبيض . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، قال : العُزّى : حَجَر أبيض .
وقال آخرون : كان بيتا بالطائف تعبده ثقيف . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَالعُزّى قال : العزّى : بيت بالطائف تعبده ثقيف .
وقال آخرون : بل كانت ببطن نَخْلة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَمَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرَى قال : أما مناةُ فكانت بقُدَيد ، آلهة كانوا يعبدونها ، يعني اللات والعُزّى وَمناة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَمناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرَى قال مناة بيت كان بالمشلّل يعبده بنو كعب .
واختلف أهل العربية في وجه الوقف على اللات ومنات ، فكان بعض نحوييّ البصرة يقول : إذا سكت قلت اللات ، وكذلك مناة تقول : مناتْ .
وقال : قال بعضهم : اللاتّ ، فجعله من اللتّ الذي يَلُتّ ولغة للعرب يسكتون على ما فيه الهاء بالتاء يقولون : رأيت طَلْحتْ ، وكلّ شيء مكتوب بالهاء فإنها تقف عليه بالتاء ، نحو نعمة ربك وشجرة . وكان بعض نحوّييّ الكوفة يقف على اللات بالهاء «أفَرأيْتُمُ اللاّة » وكان غيره منهم يقول : الاختيار في كل ما لم يضف أن يكون بالهاء رحمة من ربي ، وشجرة تخرج ، وما كان مضافا فجائزا بالهاء والتاء ، فالتاء للإضافة ، والهاء لأنه يفرد ويوقف عليه دون الثاني ، وهذا القول الثالث أفشى اللغات وأكثرها في العرب وإن كان للأخرى وجه معروف . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول : اللات والعزّى ومناة الثالثة : أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها .
{ أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى } هي أصنام كانت لهم ، فاللات كانت لثقيف بالطائف أو لقريش بنخلة وهي فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها أي يطوفون . وقرأ هبة الله عن البزي ورويس عن يعقوب " اللات " بالتشديد على أنه سمي به لأنه صورة رجل كان يلت السويق بالسمن ويطعم الحاج . { والعزى } بالتشديد سمرة لغطفان كانوا يعبدونها فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها ، وأصلها تأنيث الأعز { ومناة } صخرة كانت لهذيل وخزاعة أو لثقيف وهي فعلة من مناة إذا قطعه فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين ومنه منى . وقرأ ابن كثير { مناة } وهي مفعلة من النوء فإنهم كانوا يستمطرون الأنواء عندها تبركا بها ، وقوله { الثالثة الأخرى } صفتان للتأكيد كقوله تعالى : { يطير بجناحيه } أو { الأخرى } من التأخر في الرتبة .
لما جرى في صفة الوحي ومشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام ما دل على شؤون جليلة من عظمة الله تعالى وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم وشرف جبريل عليه السلام إذ وصف بصفات الكمال ومنازل العزة كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعروج في المنازل العليا ، كان ذلك مما يثير موازنة هذه الأحوال الرفيعة بحال أعظم آلهتهم الثلاث في زعمهم وهي : اللاتُ ، والعزَّى ، ومناةُ التي هي أحجار مقرّها الأرض لا تملك تصرفاً ولا يعرج بها إلى رفعة . فكان هذا التضاد جامعاً خيالياً يقتضي تعقيب ذكر تلك الأحوال بذكر أحوال هاته .
فانتقل الكلام من غرض إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم موحىً إليه بالقرآن ، إلى إبطال عبادة الأصنام ، ومناط الإِبطال قوله : { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان } .
فالفاء لتفريع الاستفهام وما بعده على جملة { أفتمارونه على ما يرى } [ النجم : 12 ] المفرعة على جملة { ما كذب الفؤاد ما رأى } [ النجم : 11 ] .
والروية في { أفرأيتم } يجوز أن تكون بَصَرية تتعدّى إلى مفعول واحد فلا تطلب مفعولاً ثانياً ويكون الاستفهام تقريرياً تهكمياً ، أي كيف ترون اللات والعزّى ومناةَ بالنسبة لما وصف في عظمة الله تعالى وشرف ملائكته وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا تهكم بهم وإبطال لإِلهية تلك الأصنام بطريق الفحوى ، ودليله العيان . وأكثر استعمال « أرأيت » أن تكون للرؤية البصرية على ما اختاره رضيّ الدين .
وتكون جملة { ألكم الذكر } الخ استئنافاً وارتقاء في الرد أو بَدلَ اشتمال من جملة { أفرأيتم اللات والعزى } لأن مضمونها مما تشتمل عليه مزاعمهم ، كانوا يزعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله كما حكى عنهم ابن عطية وصاحب « الكشاف » وسياق الآيات يقتضيه .
ويجوز أن تكون الرؤية علمية ، أي أزعمتم اللات والعزى ومناةَ ، فحذف المفعول الثاني اختصاراً لدلالة قوله : { ألكم الذكر وله الأنثى } عليه ، والتقدير : أزعمتموهن بنات الله ، أتجعلون له الأنثى وأنتم تبتغون الأبناء الذكور ، وتكون جملة { ألكم الذكر } الخ بياناً للإِنكار وارتقاء في إبطال مزاعمهم ، أي أتجعلون لله البنات خاصة وتغتبطون لأنفسكم بالبنين الذكور .
وجعل صاحب « الكشْف » قوله : { ألكم الذكر وله الأنثى } سادًّا مسدَّ المفعول الثاني لفعل « أرأيتم » .
وأيضاً لما كان فيما جرى من صفة الوحي ومنازل الزلفى التي حظي بها النبي صلى الله عليه وسلم وعظمة جبريل إشعار بسعة قدرة الله تعالى وعظيم ملكوته مما يسجِّل على المشركين في زعمهم شركاء لله أصناماً مثل اللات والعزى ومناة .
فسادَ زعمهم وسفاهة رأيهم أعقب ذكر دلائل العظمة الإِلهية بإبطال إلهية أصنامهم بأنها أقل من مرتبة الإِلهية إذ تلك أوهام لا حقائق لها ولكن اخترعتها مُخيّلات أهل الشرك ووضعوا لها أسماء ما لها حقائق ، ففرّع { أفرأيتم اللات والعزى } الخ فيكون الاستفهام تقريرياً إنكاريًّا ، والرؤية علميةَ والمفعول الثاني هو قوله : { إن هي إلا أسماء سميتموها } .
وتكون جملة { ألكم الذكر وله الأنثى } الخ معترضة بين المفعولين للارتقاء في الإِنكار ، أي وزعمتوهن بنات لله أو وزعمتم الملائكة بنات لله .
وهذه الوجوه غير متنافية فنحملها على أن جميعها مقصود في هذا المقام .
ولك أن تجعل فعل « أرأيتم » { على اعتبار الرؤية علمية } معلّقاً عن العمل لوقوع { إنْ } النافية بعده في قوله : { إن هي إلا أسماء سميتموها } وتجعل جملة { ألكم الذكر وله الأنثى } إلى قوله : { ضيزى } اعتراضاً .
واللاتُ : صنم كان لثقيف بالطائف ، وكانت قريش وجمهور العرب يعبدونه ، وله شهرة عند قريش ، وهو صخرة مربعة بنوا عليها بناء . وقال الفخر : « كان على صورة إنسان ، وكان في موضع منارة مسجد الطائف اليسرى » كذا قال القرطبي فلعل المسجد كانت له منارتان .
والألف واللام في أول { اللات } زائدتان . و { ال } الداخلة عليه زائدة ولعل ذلك لأن أصله : لاَتْ ، بمعنى معبود ، فلما أرادوا جعله علماً على معبود خاص أدخلوا عليه لام تعريف العهد كما في { الله } فإن أصله إله . ويوقف عليه بسكون تائه في الفصحى .
وقرأ الجمهور : { اللات } بتخفيف المثناة الفوقية . وقرأه رويس عن يعقوب بتشديد التاء وذلك لغة في هذا الاسم لأن كثيراً من العرب يقولون : أصل صخرته موضع كان يجلس عليه رجل في الجاهلية يلتّ السويق للحاج فلما مات اتخذوا مكانه معبداً .
و { العُزى } : فُعلَي من العِزّ : اسم صنم حجر أبيض عليه بناء وقال الفخر : « كان على صورة نبات » ولعله يعني : أن الصخرة فيها صورة شجر ، وكان ببطن نخلة فوق ذات عرق وكان جمهور العرب يعبدونها وخاصة قريش وقد قال أبو سفيان يوم أُحد يخاطب المسلمين « لنا العزى ولا عزى لكم » .
وذكر الزمخشري في تفسير سورة الفاتحة أن العرب كانوا إذا شَرعوا في عمل قالوا : بسم اللات باسم العزى .