معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

{ أن اعبدوا الله واتقوه واطيعون . يغفر لكم من ذنوبكم } من صلة ، أي : يغفر لكم ذنوبكم . وقيل : يعني ما سلف من ذنوبكم إلى وقت الإيمان ، وذلك بعض ذنوبهم ، { ويؤخركم إلى أجل مسمى } أي : بما فيكم إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم ، { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون } يقول : آمنوا قبل الموت ، تسلموا من العذاب ، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولا يمكنكم الإيمان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

( يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ) . .

وجزاء الاستجابة للدعوة إلى عبادة الله وتقواه وطاعة رسوله هي المغفرة والتخليص من الذنوب التي سلفت ؛ وتأخير الحساب إلى الأجل المضروب له في علم الله . وهو اليوم الآخر . وعدم الأخذ في الحياة الدنيا بعذاب الاستئصال [ وسيرد في الحساب الذي قدمه نوح لربه أنه وعدهم أشياء أخرى في أثناء الحياة ] .

ثم بين لهم أن ذلك الأجل المضروب حتمي يجيء في موعده ، ولا يؤخر كما يؤخر عذاب الدنيا . . وذلك لتقرير هذه الحقيقة الاعتقادية الكبرى :

( إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ، لو كنتم تعلمون ) . .

كما أن النص يحتمل أن يكون هذا تقريرا لكل أجل يضربه الله ؛ ليقر في قلوبهم هذه الحقيقة بوجه عام .

بمناسبة الحديث عن الوعد بتأخير حسابهم - لو أطاعوا وأنابوا - إلى يوم الحساب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

وقوله : يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول : يغفر لكم ذنوبكم .

فإن قال قائل : أَوَليست «من » دالة على البعض ؟ قيل : إن لها معنيين وموضعين ، فأما أحد الموضعين فهو الموضع الذي لا يصلح فيه غيرها . وإذا كان ذلك كذلك لم تدلّ إلا على البعض ، وذلك كقولك : اشتريت من مماليكك ، فلا يصلح في هذا الموضع غيرها ، ومعناها : البعض ، اشتريت بعض مماليكك ، ومن مماليكك مملوكا . والموضع الاَخر : هو الذي يصلح فيه مكانها عن فإذا ، صلحت مكانها «عن » دلت على الجميع ، وذلك كقولك : وجع بطني من طعام طعِمته ، فإن معنى ذلك : أوجع بطني طعام طعمته ، وتصلح مكان «من » عن ، وذلك أنك تضع موضعها «عن » ، فيصلح الكلام فتقول : وجع بطني عن طعام طعمته ، ومن طعام طعمته ، فكذلك قوله : يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ إنما هو : ويصفح لكم ، ويعفو لكم عنها وقد يحتمل أن يكون معناها يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه . فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدّم عفوه لكم عنها .

وقوله : وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أجَل مُسَمّى يقول : ويؤخّر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب ، لا بغَرَق ولا غيره إلى أجل مسمى يقول إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه ، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه ، في أمّ الكتاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : إلى أجَل مُسَمّى قال : ما قد خطّ من الأجل ، فإذا جاء أجل الله لا يؤخّر .

وقوله : إنّ أجَلَ اللّهِ إذَا جاءَ لا يُؤَخّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره : إن أجل الله الذي قد كتبه على خلقه في أمّ الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته ، فينظر بعده لو كنتم تعلمون يقول : لو علمتم أن ذلك كذلك ، لأنبتم إلى طاعة ربكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

يغفر لكم من ذنوبكم يغفر لكم بعض ذنوبكم وهو ما سبق فإن الإسلام يجبه فلا يؤاخذكم به في الآخرة ويؤخركم إلى أجل مسمى هو أقصى ما قدر لكم بشرط الإيمان والطاعة إن أجل الله إن الأجل الذي قدره إذا جاء على الوجه المقدر به آجلا وقيل إذا جاء الأجل الأطول لا يؤخر فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير لو كنتم تعلمون لو كنتم من أهل العلم والنظر لعلمتم ذلك وفيه أنهم لانهماكهم في حب الحياة كأنهم شاكون في الموت .