الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

وقوله : { مِّن ذُنُوبِكُمْ } قال قوم : ( من ) زائدةٌ وهذا نحوٌ كوفيٌّ ، وأما الخليلُ وسيبويهِ ؛ فلا يجوزُ عندَهم زِيادَةٌ «من » في المُوجَبِ ، وقال قومٌ : هي للتبعيضِ ، قال ( ع ) : وهَذَا القولُ عندي أبْيَنُ الأقوالِ هنا ؛ وذلك أنه لَوْ قَالَ : يَغْفِرْ لَكُمْ ذنوبَكُم ؛ لَعَمَّ هذَا اللفظُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الذنوبِ ، ومَا تَأَخَّرَ عن إيمانِهم ، والإسْلاَم إنَّما يَجُبُّ ما قبله .

وقوله سبحانه : { وَيُؤَخِّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } كأنّ نوحاً عليه السلام قال لهم : وآمنوا يَبِنْ لَنَا أَنَّكُمْ ممن قُضِيَ له بالإيمان والتأخيرِ ، وإنْ بَقِيتُم عَلى كُفْرِكُمْ فَسَيَبينُ أنكم ممن قُضِيَ عليه بالكفرِ والمُعَاجَلَةِ ، ثم تبيَّنَ هذا المعنى ولاَح بقوله تعالى : { إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَاءَ لاَ يُؤَخَّرُ } وجَوابُ لو مقدرٌ يقتضِيه المعنى ، كأنَّه قال : فَمَا كَانَ أحْزَمَكُمْ أو أَسْرَعَكُمْ إلَى التَّوْبَةِ { لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } .