مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

{ يَغْفِرْ لَكُمْ } جواب الأمر { مّن ذُنُوبِكُمْ } للبيان كقوله : { فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان } [ الحج : 30 ] . أو للتبعيض لأن ما يكون بينه وبين الخلق يؤاخذ به بعد الإسلام كالقصاص وغيره كذا في شرح التأويلات . { وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو وقت موتكم { إِنَّ أَجَلَ الله } أي الموت { إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي لو كنتم تعلمون ما يحل بكم من الندامة عند انقضاء أجلكم لآمنتم . قيل : إن الله تعالى قضى مثلاً أن قوم نوح إن آمنوا عمرهم ألف سنة وإن لم يؤمنوا أهلكهم على رأس تسعمائة ، فقيل لهم : آمنوا يؤخركم إلى أجل مسمى أي تبلغوا ألف سنة ، ثم أخبر أن الأجل إذا جاء لا يؤخر كما يؤخر هذا الوقت . وقيل : إنهم كانوا يخافون على أنفسهم الإهلاك من قومهم بإيمانهم وإجابتهم لنوح عليه السلام ، فكأنه عليه السلام أمّنهم من ذلك ووعدهم أنهم بإيمانهم يبقون إلى الأجل الذي ضرب لهم لو لم يؤمنوا أي أنكم إن أسلمتم بقيتم إلى أجل مسمى آمنين من عدوكم .