{ يَغْفِرْ لَكُم } جزم «يَغْفِرْ » لجواب الأمر .
قوله : { مِّن ذُنُوبِكُمْ } . في «مِنْ » هذه أوجه :
الثاني : أنَّها لابتداء الغايةِ .
الثالث : أنَّها لبيان الجنسِ ، وهو مردود لعدم تقدم ما تبينُه .
الرابع : أنَّها مزيدةٌ . قال ابن عطية : وهو مذهب كوفيٌّ .
قال شهاب الدين{[57980]} : ليس مذهبهم ذلك ؛ لأنهم يشترطون تنكير مجرورها ، ولا يشترطون غيره . والأخفش لا يشترط شيئاً ، فزيادتُها هنا ماشٍ على قوله لا على قولهم .
قال القرطبي{[57981]} : وقيل : لا يصح كونها زائدة ؛ لأن «مِنْ » لا تزاد في الواجب ، وإنما هي هنا للتبعيض ، وهو بعض الذنوب ، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين .
وقال زيد بن أسلم : المعنى يُخرِجُكم من ذنوبكم{[57982]} .
وقال ابن شجرة : المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها .
قوله : { وَيُؤَخِّرْكُمْ إلى أَجَلٍ } .
قال الزمخشريُّ : فإن قلت : كيف قال : «يُؤخِّركُمْ » مع إخبارهِ بامتناع تأخيره ؟ .
قلتُ : قضى الله أنَّ قوم نوحٍ إن آمنوا عمَّرهُم ألف سنةٍ ، وإن بقُوا على كفرهم أهلكهم على رأس تسعمائة ، قيل لهم : إن آمنتم أخِّرتُم إلى الأجلِ الأطولِ ، ثم أخبرهُم أنه إذا جاء ذلك الأجل الأمد لا يؤخَّرُ انتهى .
وقد تعلَّق بهذه الآية من يقول بالأجلين وتقدم جوابه .
وقال ابن عباسٍ : أي : ينسئ في أعماركم{[57983]} ، ومعناه : أنَّ الله - تعالى - كان قضى قبل خلقهم ، إنْ هم آمنوا بارك في أعمارهم وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب .
وقال مقاتل : يؤخركم إلى منتهى أعماركم في عافية فلا يعاقبكم بالقحطِ وغيره ، فالمعنى على هذا : يؤخركم من العقوبات والشدائد إلى آجالكم{[57984]} .
وقال الزجاج : «أي يؤخركم عن العذاب ، فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب » .
وعلى هذا قيل : أجل مسمى عندكم تعرفونه لا يميتكم غَرْقاً ولا حَرْقاً ولا قَتْلاً ، ذكره الفراء . وعلى القول الأول أجل مسمى عند الله .
قوله : { إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَاءَ لاَ يُؤَخَّرُ } ، أي : إذا جاء الموتُ لا يؤخَّر بعذاب كان ، أو بغير عذاب ، وأضاف الأجلَ إليه سبحانه ؛ لأنه الذي أثبته ، وقد يضاف إلى القوم كقوله تعالى : { إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ }[ يونس : 49 ] ؛ لأنه مضروبٌ لهم ، و «لَوْ » بمعنى «إنْ » أي : إن كنتم تعلمون .
وقال الحسن : معناه : لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يُؤخَّرُ{[57985]} .
وعلى هذا يكون جوابُ «لَوْ » محذوفاً تقديره : لبادرتم إلى ما أمركم به أو لعلمتم كما قال الحسن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.