فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

{ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } هذا جواب الأمر ، و«من » للتبعيض : أي بعض ذنوبكم ، وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته . وقال السديّ : المعنى يغفر لكم ذنوبكم ، فتكون «من » على هذا زائدة . وقيل : المراد بالبعض : ما لا يتعلق بحقوق العباد . وقيل : هي لبيان الجنس . وقيل : يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها { وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي يؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدّره الله لكم بشرط الإيمان والطاعة فوق ما قدّره لكم ، على تقدير بقائكم على الكفر والعصيان . وقيل : التأخير بمعنى البركة في أعمارهم أن آمنوا ، وعدم البركة فيها إن لم يؤمنوا . قال مقاتل : يؤخركم إلى منتهى آجالكم . وقال الزجاج : أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير ميتة المستأصلين بالعذاب . وقال الفراء : المعنى لا يميتكم غرقاً ولا حرقاً ولا قتلاً { إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّرُ } أي ما قدّره لكم على تقدير بقائكم على الكفر من العذاب إذا جاء ، وأنتم باقون على الكفر لا يؤخر بل يقع لا محالة ، فبادروا إلى الإيمان والطاعة . وقيل المعنى : إن أجل الله ، وهو الموت إذا جاء لا يمكنكم الإيمان . وقيل المعنى : إذا جاء الموت لا يؤخر سواء كان بعذاب أو بغير عذاب { لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي شيئًا من العلم لسارعتم إلى ما أمرتكم به ، أو لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر .