معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي} (96)

قوله تعالى : { قال بصرت بما لم يبصروا به } رأيت ما لم يروا وعرفت ما لم يعرفوا . قرأ حمزة والكسائي : ( ما لم يبصروا ) بالتاء على الخطاب ، وقرأ الآخرون : بالياء على الخبر . { فقبضت قبضة من أثر الرسول } أي : من تراب أثر فرس جبريل { فنبذتها } ، أي : ألقيتها في فم العجل . وقال بعضهم : إنما خار لهذا لأن التراب كان مؤخوذاً من تحت حافر فرس جبريل . فإن قيل : كيف عرفه ورأى جبريل من بين سائر الناس ؟ قيل : لأن أمه لما ولدته في السنة التي كان يقتل فيها البنون وضعته في الكهف حذراً عليه ، فبعث الله جبريل ليربيه لما قضى على يديه من الفتنة { وكذلك سولت } أي : زينت . { لي نفسي* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي} (96)

فقال : { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ } وهو جبريل عليه السلام على فرس رآه وقت خروجهم من البحر ، وغرق فرعون وجنوده على ما قاله المفسرون ، فقبضت قبضة من أثر حافر فرسه ، فنبذتها على العجل ، { وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } أن أقبضها ، ثم أنبذها ، فكان ما كان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي} (96)

وقرأت فرقة «بصُرت » بضم الصاد على معنى صارت بصيرتي بصورة ما فهو كطرفت وشرفت ، وقرأت فرقة «بصِرت » بكسر الصاد ، فيحتمل أن يراد من البصيرة ويحتمل أن يراد من البصر وذلك أن في أمر السامري ما زاده على الناس بالبصر وهو وجه جبريل عليه السلام وفرسه وبالبصيرة وهو ما علمه من أن القبضة إذا نبذها مع الحلي جاءه من ذلك ما يريد ، وقرأ الجمهور «يبصروا » بالياء يريد بني إسرائيل ، وقرأ حمزة والكسائي «تبصروا » بالتاء من فوق يريد موسى مع بني إسرائيل ، وقرأ الجمهور «فقبضت قبضة » بالضاد منقوطة بمعنى أخذت بكفي مع الأصابع ، وقرأ ابن مسعود وابن الزبير وأبي بن كعب وغيرهم ، «فقبصت قبصة » بالصاد غير منقوطة بمعنى أخذت بأصابعي فقط ، وقرأ الحسن بخلاف عنه «قُبضة » بضم القاف{[8152]} . و { الرسول } جبريل عليه السلام ، و «الأثر » هو تراب تحت حافر فرسه ، وسبب معرفة السامري بجبريل وميزه له فيما روي أن السامري ولدته أمه عام الذبح فطرحته في مغارة فكان جبريل عليه السلام يغذوه ويحميه حتى كبر وشب فميزه بذلك .

قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف . وقوله { فنبذتها } أي على الحلي فكان منها ما تراه وهذا محذوف من اللفظ تقتضيه الحال والمخاطبة . ثم قال { وكذلك سولت لي نفسي } أي وكما حدث ووقع قويت لي نفسي وجعلته لي سولاً وإرباً حتى فعلته ، وكان موسى عليه السلام لا يقتل بني إسرائيل إلا في حد أو وحي فعاقبه باجتهاد نفسه بأن أبعده ونحاه عن الناس وأمر بني إسرائيل باجتنابه واجتناب قبيلته وأن لا يواكلوا ولا يناكحوا ونحو هذا ، وعلمه مع ذلك وجعل له أن يقول مدة حياته { لا مساس } أي لا مماسة ولا إذاية .


[8152]:أي: بضم القاف والصاد المهملة كما وضح أبو حيان في البحر المحيط، ونسبها أيضا إلى قتادة، ونصر بن عاصم، وقال أبو الفتح في المحتسب: "وأما (القبصة) بالضم فالقدر المقبوص، كالحسوة للمحسو، والحسوة فعلك أنت، والقبضة والقبصة جميعا على ذلك إنما هما حدثان موضوعان موضع الجثة، كالخلق في معنى المخلوق، وضرب الأمير في معنى المضروب".