الآية 96 : ثم قوله تعالى : { بصرت بما لم يبصروا به } بالياء والتاء جميعا{[12404]} . ثم بين ما الذي بصر هو ما لم يبصروا هم ، فقال : { فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها } .
أما عامة أهل التأويل فإنهم يقولون : إنه قبض من تراب من أثر فرس جبريل ، فنبذها . وليس في الآية ذكر التراب ولا ذكر الفرس ولا أن ذلك الرسول جبريل أو غيره . ويشبه أن يكون الذي قبضه هو تراب من أثر الفرس على ما قاله أهل التأويل . وقد ذُكر في حرف أبي : فقبضت قبضة من أثره فرس الرسول .
فإن ثبت ما قالوا ، وإلا لم نزد على ما ذكر في الكتاب لأن هذه الأشياء والقصص كانت في كتبهم ، فذكرت في القرآن ليحتج بها رسول الله على أولئك ليعرفوا أنه إما عرف ذلك بالله تعالى . فلو زيد ، أو نقص عما في كتبهم لذهب موضع الاحتجاج عليهم ، بل يوجب ذلك شبه الكذب عليهم . لذلك وجب حفظ ما حكي في الكتاب من الأنباء والأخبار من غير زيادة ولا نقصان مخافة الكذب إلا أن يثبت شيء يذكر عن رسول الله أنه كان ، فعند ذلك يقال ، وإلا فالكف أولى لما ذكرناه في قراءة الحسن وقتادة : فقَبَصْتُ قَبْصَة بالصاد . والقبصة [ بالصاد ، وهو الأخذ بأطراف الأصابع ، والقبضة بالضاد ]{[12405]} هو بالكف . فلا يحتمل أن يصح الحرفان جميعا ، لأن الأخذ بأطراف الأصابع دون الكف هو{[12406]}خبر ، يخبر عما في كتبهم . فإما أن يكون ذا أو ذا ، وإما أن يكونا جميعا ، فلا يحتمل إلا أن يقال : إنه أخذه بأطراف الأصابع ، ثم رده إلى الكف . فحينئذ يكون ثم بمرتين ، والله أعلم . قوله تعالى : { وكذلك سولت لي نفسي } هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : أي كذلك سولت لي نفسي : أنك متى تأخذ قبضة من أثر الرسول ، فتنبذها في الحلي ، يحيى .
[ والثاني ] {[12407]} : أن يكون سولت له نفسه على ما كانت عادتهم وطبيعتهم أنهم لا يعبدون [ إلها ] {[12408]} لا يرونه ، ولا يقع بصرهم عليه حين{[12409]} { قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } [ الأعراف : 138 ] وقالوا{[12410]} { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } [ البقرة : 55 ] فقال{[12411]} : { سولت لي نفسي } أن أتخد لهم عجلا يرونه ، فيعبدونه ، أو { سولت لي نفسي }أن في أخذ قبضة من أثر الرسول نبأ عظيما أو قال ذلك اعتذارا لجميع ما كان منه من أول الأمر إلى آخره أمره ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.