فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي} (96)

{ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ } أي قال السامريّ مجيباً على موسى : رأيت ما لم يروا أو علمت بما لم يعلموا وفطنت لما لم يفطنوا له ، وأراد بذلك : أنه رأى جبريل على فرس الحياة فألقى في ذهنه أن يقبض قبضة من أثر الرسول ، وأن ذلك الأثر لا يقع على جماد إلا صار حياً . وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وخلف : «ما لم تبصروا به » بالمثناة من فوق على الخطاب ، وقرأ الباقون بالتحتية ، وهي أولى ؛ لأنه يبعد كلّ البعد أن يخاطب موسى بذلك ويدّعي لنفسه أنه علم ما لم يعلم به موسى ، وقرئ بضم الصاد فيهما وبكسرها في الأوّل وفتحها في الثاني ، وقرأ أبيّ بن كعب وابن مسعود والحسن وقتادة : «فقبصت قبصة » بالصاد المهملة فيهما ، وقرأ الباقون بالضاد المعجمة فيهما ، والفرق بينهما أن القبض بالمعجمة : هو الأخذ بجميع الكف ، وبالمهملة بأطراف الأصابع . والقبضة بضم القاف : القدر المقبوض . قال الجوهري : هي ما قبضت عليه من شيء ، قال : وربما جاء بالفتح ، وقد قرئ : «قبضة » بضم القاف وفتحها ، ومعنى الفتح : المرّة من القبض ، ثم أطلقت على المقبوض وهو معنى القبضة بضم القاف ، ومعنى { مِنْ أَثَرِ الرسول } : من المجل الذي وقع عليه حافر فرس جبريل ، ومعنى { فَنَبَذْتُهَا } : فطرحتها في الحليّ المذابة المسبوكة على صورة العجل { وكذلك سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } قال الأخفش : أي زينت ، أي ومثل ذلك التسويل : سوّلت لي نفسي . وقيل : معنى { سوّلت لي نفسي } : حدّثتني نفسي .

/خ101