قال أبو عبيدة : علمت ما لم يعلموا .
وقال الزجاج : بصر بالشيء إذا علمه وأبصر إذا نظر .
وقيل : بصر به وأبصره بمعنى واحد .
وقرأ الأعمش وأبو السماك : بَصِرْتُ بكسر الصاد بما لم تَبْصَروا بفتح الصاد .
وقرأ عمرو بن عبيد بُصُرْتُ بضم الباء وضم الصاد بما لم تُبْصَروا بضم التاء وفتح الصاد مبنياً للمفعول فيهما .
وقرأ الجمهور { بَصُرْتُ } بضم الصاد وحمزة والكسائي وأبو بحرية والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وابن مناذر وابن سعدان وقعنب تبصروا بتاء الخطاب لموسى وبني إسرائيل وباقي السبعة { يبصروا } بياء الغيبة .
وقرأ الجمهور { فقبضت قبضة } بالضاد المعجمة فيهما أي أخذت بكفي مع الأصابع .
وقرأ عبد الله وأبي وابن الزبير وحميد والحسن بالصاد فيهما ، وهو الأخذ بأطراف الأصابع .
وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف والصاد المهملة ، وأدغم ابن محيصن الضاد المنقوطة في تاء المتكلم وأبقى الإطباق مع تشديد التاء .
وقال المفسرون { الرسول } هنا جبريل عليه السلام ، وتقديره من { أثر } فرس { الرسول } وكذا قرأ عبد الله ، والأثر التراب الذي تحت حافره { فنبذتها } أي ألقيتها على الحليّ الذي تصور منه العجل فكان منها ما رأيت .
وقال الأكثرون رأى السامري جبريل يوم فلق البحر ، وعن عليّ رآه حين ذهب موسى إلى الطور وجاءه جبريل فأبصره دون الناس .
وقال الزمخشري : فإن قلت : لمَ سماه { الرسول } دون جبريل وروح القدس ؟ قلت : حين حل ميعاد الذهاب إلى الطور أرسل الله إلى موسى جبريل راكب حيزوم فرس الحياة ليذهب به ، فأبصره السامري فقال : إن لهذا لشأناً فقبض القبضة من تربة موطئه ، فلما سأله موسى عن قصته قال قبضت من أثر فرس المرسل إليك يوم حلول الميعاد ، ولعله لم يعرف أنه جبريل انتهى .
وقال أبو مسلم الأصبهاني : ليس في القرآن تصريح بهذا الذي ذكره المفسرون ، وهنا وجه آخر وهو أن يكون المراد بالرسول موسى عليه السلام ، وأثره سنته ورسمه الذي أمر به ، فقد يقول الرجل : فلان يقفو أثر فلان ويقتص أثره إذا كان يمتثل رسمه ، والتقدير أن موسى لما أقبل على السامري باللوم والمسألة عن الأمر الذي دعاه إلى إضلال القول في العجل { قال بصرت بما لم يبصروا به } أي عرفت أن الذي أنتم عليه ليس بحق ، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيها الرسول أي شيئاً من دينك { فنبذتها } أي طرحتها .
فعند ذلك أعلم موسى بما له من العذاب في الدنيا والآخرة وإنما أراد لفظ الإخبار عن غائب كما يقول الرجل لرئيسه وهو مواجه له : ما يقول الأمير في كذا أو بماذا يأمر الأمير ، وتسميته رسولاً مع جحده وكفره ، فعلى مذهب من حكى الله عنه قوله { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } فإن لم يؤمنوا بالإنزال قيل : وما ذكره أبو مسلم أقرب إلى التحقيق إلاّ أن فيه مخالفة المفسرين .
قيل : ويبعد ما قالوه أن جبريل ليس معهوداً باسم رسول ، ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تكون اللام في الرسول لسابق في الذكر ، ولأن ما قالوه لا بد من إضمار أي من أثر حافر فرس الرسول والإضمار خلاف الأصل ، ولأن اختصاص السامري برؤية جبريل ومعرفته من بين الناس يبعد جداً ، وكيف عرف أن حافر فرسه يؤثر هذا الأثر الغريب العجيب من إحياء الجماد به وصيرورته لحماً ودماً ؟ وكيف عرف جبريل يتردّد إلى نبيّ وقد عرف نبوّته وصحت عنده فحاول الإضلال ؟ وكيف اطلع كافر على تراب هذا شأنه ؟ فلقائل أن يقول : لعل موسى اطلع على شيء آخر يشبه هذا فلأجله أتى بالمعجزات ، فيصير ذلك قادحاً فيما أتوا به من الخوارق انتهى .
ما رجح به هذا القائل قول أبي مسلم الأصبهاني .
{ وكذلك سوَّلت لي نفسي } أي كما حدث ووقع قربت لي نفسي وجعلته لي سولاً وإرباً حتى فعلته ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.