قال : { بصرت بما لم يبصروا به } : أي : علمت ما لم يعلموا .
قال ابن جريج : لما قتل فرعون الولدان ، قالت أم السامري : لو نحيته حتى لا أراه ولا أرى قتلته{[45448]} فجعلته في غار ، فأتى جبريل عليه السلام فجعل كف نفسه في فيه ، فجعل يرضع العسل واللبن ، فجعل يختلف إليه حتى عرفه ، فمن ثم معرفته إياه حين قبض قبضة من أثر فرس جبريل عليه السلام .
وقيل : معنى : { بصرت بما لم يبصروا به } أي : أبصرت ما لم يبصروا يعني : {[45449]} فرس جبريل .
ومن قرأ بالياء ، جعله إخبارا عن بني إسرائيل .
ومن قرأ بالتاء{[45450]} . جعله خطابا لموسى وبني{[45451]} إسرائيل .
ثم قال : { فقبضت قبضة من أثر الرسول }[ 94 ] .
أي : من{[45452]} أثر حافر فرس جبريل عليه السلام .
وقرأ الحسن وقتادة{[45453]} : فقبصت قبصة بالصاد غير المعجمة ، وذلك الأخذ بأطراف الأصابع .
( والقبضة ) على قراءة الجماعة قبضك على الشيء بملء كفك مرة واحدة .
( والقُبضة ) بضم القاف ، مقدار ما يقبض{[45454]} كالغرفة والغرفة{[45455]} .
{ وكذلك سولت لي نفسي }[ 94 ] .
أي : زينت لي نفسي أن الحلي إذا سبك وألقيت فيه القبضة أنه يصير عجلا جسدا .
وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قال/{[45456]} : ( لما خرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل السبعين رجلا ، أمرهم أن ينتظروه في أسفل الجبل ، وصعد موسى الجبل{[45457]} وكلمه{[45458]} الله أربعين يوما وليلة ، وكتب له في{[45459]} الألواح وأن بني إسرائيل عدوا عشرين يوما وعشرين ليلة ، فاستبطأوا موسى بعد ذلك ، فاتخذوا{[45460]} العجل من بعده ، قال : فبلغنا – والله أعلم – أن الله قال لموسى عند ذلك أن قومك قد اتخذوا العجل{[45461]} من بعدك ، قال{[45462]} : عجلا جسدا له خوار . فقال موسى : رب ، من جعله لهم ؟ فقال : السامري ، فقال موسى : رب ، السامري جعل لهم العجل وأنت فتنت قومي بالخوار ، وجعلت الروح فيه ، فما أصنع ؟ فرجع موسى إلى قومه معه السبعون{[45463]} رجلا ، ولم يخبرهم موسى بالذي أحدث بنو إسرائيل بعده من عبادة العجل ، وبالذي قال له ربه ، فلما غشي موسى ومن معه محلة قومه ، سمع اللغط{[45464]} حول العجل ، فقال السبعون الذين معه : ما هذا في المحلة{[45465]} ؟ أقتال{[45466]} ؟ فقال موسى صلى الله عليه وسلم : ليس بقتال ، ولكنه صوت الفتنة ، فلما دخل موسى ، ونظر إلى{[45467]} ما يصنع بنو إسرائيل حول العجل ، غضب ، فألقى الألواح ، فتكسرت ، وصعد عامة الذي كان{[45468]} فيها من كلام الله وأخذ موسى برأس أخيه يجره إليه ، فقال له{[45469]} هارون : يا أخي { لا تاخذ{[45470]} بلحيتي ولا برأسي إني
خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي } ، فأرسله ثم أقبل على السامري ، فقال : ما خطبك يا سامري ، ولم صنعت ما أرى ، فقال له ما نص الله علينا ، فأمر موسى بالسامري{[45471]} أن يخرج من محلة بني إسرائيل ، وأن لا يخالطهم في شيء ، وأمر بالعجل فذبح ، ثم أحرقه بالنار ، ثم ذراه في اليم ، ثم أتاهم موسى بكتاب ربهم فيه الحلال والحرام ، والفرائض{[45472]} والحدود فلما نظروا إليه قالوا : لا حاجة لنا في الذي آتيتنا به ، فإن العجل الذي حرقت{[45473]} كان أحب إلينا من الذي آتينا به فلسنا بقابليه ولا آخذين بما فيه . فقال موسى : رب إن عبادك بني إسرائيل قد ردوا كتابك وكذبوا نبيك ، فأمر{[45474]} الله تعالى الملائكة فرفعوا الجبل فغشوا به بني إسرائيل حتى ظلوا به عسكرهم ، فحال بينهم وبين السماء ، فقال موسى صلى الله عليه وسلم : إما أن تأخذوا هذا الكتاب بما فيه ، وإما أن يلقى عليكم الجبل ، فقالوا : سمعنا وعصينا الذي جئتنا به ، ثم أخذوا ولم يجدوا من أخذه بدا ، فرفع عنهم الجبل فنظروا{[45475]} في الكتاب ، فبين راض وكاره ومؤمن وكافر فعفا الله تعالى عنهم ، فهو قوله : { ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون } .
[ ثم قال : وكذلك سولت لي نفسي ]{[45476]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.