قوله عز وجل :{ إذ قال موسى لأهله } أي : واذكر يا محمد ، إذ قال موسى لأهله في مسيره من مدين إلى مصر : { إني آنست ناراً } أي : أبصرت ناراً ، { سآتيكم منها بخبر } أي : امكثوا مكانكم ، سآتيكم بخبر عن الطريق أو النار وكان قد ترك الطريق ، { أو آتيكم بشهاب قبس } قرأ أهل الكوفة : بشهاب بالتنوين ، جعلوا القبس نعتاً للشهاب ، وقرأ الآخرون بلا تنوين على الإضافة ، وهو إضافة الشيء إلى نفسه ، لأن الشهاب والقبس متقاربان في المعنى ، وهو العود الذي في أحد طرفيه نار ، وليس في الطرف الآخر نار . وقال بعضهم : الشهاب هو شيء ذو نور ، مثل العمود ، والعرب تسمي كل أبيض ذي نور شهاباً ، والقبس : القطعة من النار ، { لعلكم تصطلون } تستدفئون من البرد ، وكان ذلك في شدة الشتاء .
{ إِذْ قَالَ مُوسَى لأهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا } إلى آخر قصته ، يعني : اذكر هذه الحالة الفاضلة الشريفة من أحوال موسى بن عمران ، ابتداء الوحي إليه واصطفائه برسالته وتكليم الله إياه ، وذلك أنه لما مكث في مدين عدة سنين وسار بأهله من مدين متوجها إلى مصر ، فلما كان في أثناء الطريق ضل وكان في ليلة مظلمة باردة فقال لهم : { إِنِّي آنَسْتُ نَارًا } أي : أبصرت نارا من بعيد { سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ } عن الطريق ، { أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي : تستدفئون ، وهذا دليل على أنه تائه ومشتد برده هو وأهله .
ثم شرع في بيان بعض تلك العلوم بقوله : { إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا } أي اذكر قصته { إذ قال } ويجوز أن يتعلق ب { عليم } . { سآتيكم منها بخبر } أي عن حال الطريق لأنه قد ضله ، وجمع الضمير إن صح أنه لم يكن معه غير امرأته لما كنى عنها بالأهل ، والسين للدلالة على بعد المسافة والوعد بالإتيان وإن أبطأ . { أو آتيكم بشهاب قبس } شعلة نار مقبوسة ، نار وإضافة الشهاب إليه لأنه قد يكون قبسا وغير قبس ، ونونه الكوفيون ويعقوب على أن ال { قبس } بدل منه أو وصف له لأنه بمعنى المقبوس ، و العدتان على سبيل الظن ولذلك عبر عنهما بصيغة الترجي في " طه " ، والترديد للدلالة على أنه إن لم يظفر بهما لم يعدم أحدهما بناء على ظاهر الأمر أو ثقة بعادة الله تعالى أنه لا يكاد يجمع حرمانين على عبده . { لعلكم تصطلون } رجاء أن تستدفئوا بها والصلاء النار العظيمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.