قيل : وانتصب { إذ } باذكر مضمرة ، أو بعليم ؛ وليس انتصابه بعليم واضحاً ، إذ يصير الوصف مقيداً بالمعمول .
وقد تقدم طرف من قصة موسى عليه السلام في رحلته بأهله من مدين : في سورة طه ، وظاهر أهله جمع لقوله : { سآتيكم } و { تصطلون } ، وروي أنه لم يكن معه غير امرأته .
وقيل : كانت ولدت له ، وهو عند شعيب ، ولداً ، فكان مع أمه .
فإن صح هذا النقل ، كان من باب خطاب الجمع على سبيل الإكرام والتعظيم .
وكان الطريق قد اشتبه عليه ، والوقت بارد ، والسير في ليل ، فتشوقت نفسه ، إذ رأى النار إلى زوال ما لحق من إضلال الطريق وشدة البرد فقال : { سآتيكم منها بخبر } : أي من موقدها بخبر يدل على الطريق ، { أو آتيكم بشهاب قبس } : أي إن لم يكن هناك من يخبر ، فإني أستصحب ما تدفؤون به منها .
وهذا الترديد بأو ظاهر ، لأنه كان مطلوبه أولاً أن يلقي على النار من يخبره بالطريق ، فإنه مسافر ليس بمقيم .
فإن لم يكن أحد ، فهو مقيم ، فيحتاجون لدفع ضرر البرد ، وهو أن يأتيهم بما يصطلون ، فليس محتاجاً للشيئين معاً ، بل لأحدهما الخبر إن وجد من يخبره فيرحل ، أو الاصطلاء إن لم يجد وأقام .
فمقصوده إما هداية الطريق ، وإما اقتباس النار ، وهو معنى قوله : { لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى } وجاء هنا : { سآتيكم منها بخبر } ، وهو خبر ، وفي طه : { لعلي آتيكم منها بقبس } وفي القصص : { لعلي آتيكم منها بخبر } وهو ترج ، ومعنى الترجي مخالف لمعنى الخبر .
ولكن الرجاء إذا قوي ، جاز للراجي أن يخبر بذلك ، وإن كانت الخيبة يجوز أن تقع .
وأتى بسين الاستقبال ، إما لأن المسافة كانت بعيدة ، وإما لأنه قد يمكن أن تبطىء لما قدر أنه قد يعرض له ما يبطئه .
والشهاب : الشعلة ، والقبس : النار المقبوسة ، فعل بمعنى مفعول ، وهو القطعة من النار في عود أو غيره ، وتقدم ذلك في طه .
وقرأ الكوفيون : بشهاب منوناً ، فقبس بدل أو صفة ، لأنه بمعنى المقبوس .
وقرأ باقي السبعة : بالإضافة ، وهي قراءة الحسن .
قال الزمخشري : أضاف الشهاب إلى القبس ، لأنه يكون قبساً وغير قبس ، واتبع في ذلك أبا الحسن .
قال أبو الحسن : الإضافة أجود وأكثر في القراءة ، كما تقول : دار آجر ، وسوار ذهب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.