{ إذ قال موسى لأهله } قال الزجاج : أي اذكر قصته إذ قال لأهله ، والمراد بأهله امرأته في مسيره من مدين إلى مصر ، وكان في ليلة مظلمة باردة مثلجة وقد ضل الطريق ، وأخذ زوجه الطلق ، والحامل له على هذا السفر أن يجتمع بأمه وأخيه بمصر ، ولم يكن معه إذ ذاك إلا زوجته بنت شعيب ، فكنى عنها بلفظ الأهل الدال على الكثرة للتعظيم ، وقيل : كان معه ولده وخادمه أيضا ومثله قوله : امكثوا { إني آنست نارا } أي أبصرتها من بعيد .
{ سآتيكم منها بخبر } عن حال الطريق ، وكان قد ضلها ، والسين تدل على بعد مسافة النار وتأكيد الوعد . والجمع- إن صح أنه لم يكن معه عليه السلام إلا امرأته لما كنى عنها بالأهل ، أو للتعظيم- مبالغة في التسلية .
{ أو آتيكم بشهاب قبس } بتنوينهما على أن الثاني بدل من الأول أو صفة له لأنه بمعنى مقبوس ، أي بشعلة نار مقبوسة ، أي مأخوذة من أصلها ، وقرئ بالإضافة على أنها للبيان ، فالمراد تعيين المقصود الذي هو القبس الجامع لمنفعتي الضياء والاصطلاء ، لأن من النار ما ليس بقبس كالجمر وكلتا العدتين منه عليه الصلاة السلام بطريق الظن ، كما يفصح عن ذلك ما في سورة طه من صيغة الترجي والترديد للإيذان بأنه إن لم يظفر بهما لم يعدم أحدهما بناء على ظاهر الأمر وثقة بسنة الله تعالى فإنه تعالى لا يكاد يجمع على عبده حرمانين ، قاله أبو السعود .
والمعنى على القراءتين آتيكم بشعلة نار مأخوذة من أصلها في رأس فتيلة أو عود . قال الزجاج : من نوّن جعل ( قبس ) من صفة ( شهاب ) . وقال الفراء : هذه الإضافة كمسجد الجامع ، وصلاة الأولى ، أضاف الشيء إلى نفسه لاختلاف أسمائه . وقال النحاس : هي إضافة النوع إلى الجنس ، كما تقول ثوب خز وخاتم حديد بمعنى : من أي : شهاب من قبس .
قال : ويجوز في غير القرآن بشهاب قبسا ، على أنه مصدر أو بيان أو حال ؟ قال الزجاج : كل أبيض ذي نور فهو شهاب . وقال أبو عبيدة : الشهاب النار ، وقال ثعلب : أصل الشهاب عود ، في أحد طرفيه جمرة والآخر لا نار فيه ، والشهاب الشعاع المضيء ، وقيل للكوكب : شهاب .
{ لعلكم تصطلون } أي : رجاء أن تستدفئوا بها من البرد ، أو لكي تستدفئوا بها ، يقال : صلى بالنار واصطلى بها إذا استدفأ بها ، والصلاء النار العظيمة واختلاف الألفاظ في هاتين السورتين ، والقصة واحدة ، دليل على جواز نقل الحديث بالمعنى ، وجواز النكاح بغير لفظ التزوج .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.