قوله تعالى : " إذ قال موسى لأهله " " إذ " منصوب بمضمر وهو : أذكر ، كأنه قال على أثر قوله . " وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم " : خذ يا محمد من آثار حكمته وعلمه قصة موسى إذ قال لأهله : " إني آنست نارا "
" إني آنست نارا " أي أبصرتها من بعد . قال الحرث بن حلزة :
آنستْ نَبْأَةً وأفزَعَهَا القَنَّ***اصُ عصراً وقد دَنَا الإِمْسَاءُ{[12255]}
" سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون " قرأ عاصم وحمزة والكسائي : " بشهاب قبس " بتنوين " شهاب " . والباقون بغير تنوين على الإضافة ؛ أي بشعلة نار ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . وزعم الفراء في ترك التنوين أنه بمنزلة قولهم : ولدار الآخرة ، ومسجد الجامع ، وصلاة الأولى ، يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلفت أسماؤه . قال النحاس : إضافة الشيء إلى نفسه محال عند البصريين ؛ لأن معنى الإضافة في اللغة ضم شيء إلى شيء فمحال أن يضم الشيء إلى نفسه ، وإنما يضاف الشيء إلى الشيء ليتبين به معنى الملك أو النوع ، فمحال أن يتبين أنه مالك نفسه أو من نوعها . و " شهاب قبس " إضافة النوع والجنس ، كما تقول : هذا ثوب خز ، وخاتم حديد وشبهه . والشهاب كل ذي نور ، نحو الكوكب والعود الموقد . والقبس اسم لما يقتبس من جمر وما أشبهه ، فالمعنى بشهاب من قبس . يقال . أقبست قبسا ، والاسم قبس . كما تقول : قبضت قبضا . والاسم القبض . ومن قرأ : " بشهاب قبس " جعله بدلا منه . المهدوي : أو صفة له ؛ لأن القبس يجوز أن يكون اسما غير صفة ، ويجوز أن يكون صفة ، فأما كونه غير صفة فلأنهم قالوا قبسته أقبسه قبسا والقبس المقبوس ، وإذا كان صفة فالأحسن أن يكون نعتا . والإضافة فيه إذا كان غير صفة أحسن . وهي إضافة النوع إلى جنسه كخاتم فضة وشبهه . ولو قرئ بنصب قبس على البيان أو الحال كان أحسن . ويجوز في غير القرآن بشهاب قبسا على أنه مصدر أو بيان أو حال . " لعلكم تصطلون " أصل الطاء تاء فأبدل منها هنا طاء ؛ لأن الطاء مطبقة والصاد مطبقة فكان الجمع بينهما حسنا ، ومعناه يستدفئون من البرد . يقال : اصطلى يصطلي إذا استدفأ . قال الشاعر :
النار فاكهة الشتاء فمن يُرِدْ *** أكل الفواكه شاتيا فليصْطَلِ
الزجاج : كل أبيض ذي نور فهو شهاب . أبو عبيدة : الشهاب النار . قال أبو النجم :
كأنما كان شهابا واقدا *** أضاء ضوءا ثم صار خامدا
أحمد بن يحيى : أصل الشهاب عود في أحد طرفيه جمرة والآخر لا نار فيه . وقول النحاس فيه حسن ، والشهاب الشعاع المضيء ومنه الكوكب الذي يمد ضوءه في السماء . وقال الشاعر :
في كفه صَعْدَةٌ{[12256]} مُثَقَّفَةٌ *** فيها سِنَانٌ كشُعلةِ القَبَسِ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.