تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهۡلِهِۦٓ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا سَـَٔاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ ءَاتِيكُم بِشِهَابٖ قَبَسٖ لَّعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (7)

[ الآية 7 ] وقوله تعالى : { إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا } قيل : رأيت ، وأبصرت { سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون } وقال في آية أخرى : { إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى } [ طه : 10 ] هذا يدل أنه كان ضل الطريق على ما ذكره أهل التأويل . وقال في آية أخرى : { إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون } [ القصص : 29 ] .

ذكر على التقديم والتأخير على اختلاف الألفاظ والحروف ، والقصة واحدة ، والممتحن بذلك موسى لا غيره . فهذا يدل أن ليس على الناس تكلف حفظ الألفاظ والحروف بلا تقديم ولا تأخير ولا تغيير بعد أن أصابوا المعنى المودع فيها ؛ أعني في الألفاظ ، وحفظوها من غير تغيير يدخل في المعنى المودع ؛ إذ قصة موسى هذه وغيرها من قصص الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، ذكرت{[14901]} في الكتاب على التقديم والتأخير على اختلاف الألفاظ والحروف في كثير من الأحكام في الشهادات والأخبار وغيرها ، إنما عليهم إصابة المعنى .

وقوله تعالى : { بشهاب قبس } قال بعضهم : الشهاب خشبة ، في طرفها نار ، والقبس النار ، وشهبان{[14902]} جميع ، ولا تسمى النار قبسا إلا ما يحمل من موضع إلى موضع ؛ يقال : قبست النار قبسا ، واقتبست ، وهو قول أبي عوسجة والقتبي .

وقال بعضهم : القبس الجمر ، والشهاب النار الموقدة ، وهو قول أبي عبيدة .

وقال بعضهم : { بشهاب قبس } أي شعلة من نار ، والجذوة كأنها فيها نار ، وهو مثل الأول .

ودل قوله تعالى : { لعلكم تصطلون } على أن الوقت [ وقت ]{[14903]} البرد وأيام الشتاء حين{[14904]} ذكر اصطلاء ، وهو الاستدفاء ، والله أعلم .


[14901]:- في الأصل وم: ذكر.
[14902]:- الواو ساقطة من الأصل وم.
[14903]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14904]:- في الأصل وم: حيث.