فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهۡلِهِۦٓ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا سَـَٔاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ ءَاتِيكُم بِشِهَابٖ قَبَسٖ لَّعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (7)

{ إِذْ قَالَ موسى لأِهْلِهِ } الظرف منصوب بمضمر ، وهو اذكر . قال الزجاج : موضع «إذ » نصب ، المعنى : اذكر إذ قال موسى ، أي اذكر قصته إذ قال لأهله ، والمراد بأهله : امرأته في مسيره من مدين إلى مصر ، ولم يكن معه إذ ذاك إلاّ زوجته بنت شعيب ، فكنى عنها بلفظ الأهل الدالّ على الكثرة ، ومثله قوله : { امكثوا } [ طه : 10 ] ، ومعنى { إِنّي آنَسْتُ نَاراً } أبصرتها { سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَر } السين تدلّ على بعد مسافة النار { أو ءاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ } قرأ عاصم وحمزة والكسائي بتنوين { شهاب } ، وقرأ الباقون بإضافته إلى قبس ، فعلى القراءة الأولى يكون قبس بدلاً من شهاب ، أو صفة له لأنه بمعنى مقبوس ، وعلى القراءة الثانية الإضافة للبيان ، والمعنى على القراءتين : آتيكم بشعلة نار مقبوسة : أي مأخوذة من أصلها . قال الزجاج : من نوّن جعل { قبس } من صفة { شهاب } ، وقال الفراء : هذه الإضافة كالإضافة في قولهم : مسجد الجامع ، وصلاة الأولى ، أضاف الشيء إلى نفسه لاختلاف أسمائه . وقال النحاس : هي إضافة النوع إلى الجنس كما تقول : ثوب خز ، وخاتم حديد . قال : ويجوز في غير القرآن بشهاب قبساً على أنه مصدر ، أو بيان أو حال { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي رجاء أن تستدفئوا بها . أو لكي تستدفئوا بها من البرد ، يقال : صلى بالنار ، واصطلى بها : إذا استدفأ بها . قال الزجاج : كلّ أبيض ذي نور فهو شهاب .

وقال أبو عبيدة : الشهاب : النار ، ومنه قول أبي النجم :

كأنما كان شهاباً واقدا *** أضاء ضوءاً ثم صار خامداً

وقال ثعلب : أصل الشهاب عود في أحد طرفيه جمرة ، والآخر لا نار فيه ، والشهاب الشعاع المضيء ، وقيل للكوكب : شهاب ، ومنه قول الشاعر :

في كفه صعدة مثقفة *** فيها سنان كشعلة القبس