معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } يعني ليوم القيامة ، أي : لينظر أحدكم أي شيء قدم لنفسه ، عملاً صالحاً ينجيه أم سيئاً يوبقه ؟ ، { واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

{ 18-21 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يوجبه الإيمان ويقتضيه من لزوم تقواه ، سرا وعلانية ، في جميع الأحوال ، وأن يراعوا ما أمرهم الله به من أوامره وشرائعه وحدوده ، وينظروا ما لهم وما عليهم ، وماذا حصلوا عليه من الأعمال التي تنفعهم أو تضرهم في يوم القيامة ، فإنهم إذا جعلوا الآخرة نصب أعينهم وقبلة قلوبهم ، واهتموا بالمقام بها ، اجتهدوا في كثرة الأعمال الموصلة إليها ، وتصفيتها من القواطع والعوائق التي توقفهم عن السير أو تعوقهم أو تصرفهم ، وإذا علموا أيضا ، أن الله خبير بما يعملون ، لا تخفى عليه أعمالهم ، ولا تضيع لديه ولا يهملها ، أوجب لهم الجد والاجتهاد .

وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه ، وأنه ينبغي له أن يتفقدها ، فإن رأى زللا تداركه بالإقلاع عنه ، والتوبة النصوح ، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه ، وإن رأى نفسه مقصرا في أمر من أوامر الله ، بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه ، وإتقانه ، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره ، فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

فقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ } أمر بتقواه ، وهي تشمل فعل ما به أمر ، وترك ما عنه زجر .

وقوله : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } أي : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ، { وَاتَّقُوا اللَّهَ } تأكيد ثان ، { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي : اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم{[28611]} لا تخفى عليه منكم خافية ، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير .


[28611]:- (2) في م: " وخفيها".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

وقوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ } يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ووحدوه ، اتقوا الله بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه .

وقوله : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ }يقول : ولينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من الأعمال ، أمن الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه ؟ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { اتّقُوا اللّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ } : ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد ، وغدٌ يوم القيامة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { ما قَدّمتْ لِغَدٍ } يعني يوم القيامة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { ما قَدّمتْ لِغَد } يعني يوم القيامة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ }يعني يوم القيامة الخير والشرّ قال : والأمس في الدنيا ، وغدٌ في الاَخرة ، وقرأ : { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ } قال : كأن لم تكن في الدنيا .

وقوله : { وَاتّقُوا الله }يقول : وخافوا الله بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه { إنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْلَمُونَ } يقول : إن الله ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرّها ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيكم على جميعها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد }ليوم القيامة سماه به لدنوه أو لأن الدنيا كيوم والآخرة كغده وتنكيره للتعظيم وأما تنكير النفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك ، { واتقوا الله } تكرير للتأكيد أو الأول في أداء الواجبات لأنه مقرون بالعمل والثاني في ترك المحارم لاقترانه بقوله{ إن الله خبير بما تعملون } وهو كالوعيد على المعاصي .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

هذه آية وعظ وتذكير وتقريب للآخرة ، وتحذير ممن لا تخفى عليه خافية .

وقرأ جمهور الناس : «ولْتنظرْ » بسكون اللام وجزم الراء على الأمر ، وقرا يحيى بن الحارث وأبو حيوة وفرقة كذلك بالأمر إلا أنها كسرت اللام على أصل لام الأمر ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن فيما روي عنه : «ولتنظرَ » بنصب الراء على لام كي كأنه قال وأمرنا بالتقوى لتنظروا ، كأنه قال : { اتقوا الله } ولتكن تقواكم «لتنظرَ » ، وقوله تعالى : { لغد } يريد يوم القيامة ، قال قتادة : قرب الله القيامة حتى جعلها غداً ، وذلك أنها آتية لا محالة وكل آت قريب ، ويحتمل أن يريد بقوله { لغد } : ليوم الموت ، لأنه لكل إنسان كغده ومعنى الآية : ما قدمت من الأعمال ، فإذا نظرها الإنسان تزيد من الصالحات ، وكف عن السيئات ، وقال مجاهد وابن زيد : الأمس : الدنيا ، وغد : الآخرة .