جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

وقوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ } يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ووحدوه ، اتقوا الله بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه .

وقوله : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ }يقول : ولينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من الأعمال ، أمن الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه ؟ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { اتّقُوا اللّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ } : ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد ، وغدٌ يوم القيامة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { ما قَدّمتْ لِغَدٍ } يعني يوم القيامة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { ما قَدّمتْ لِغَد } يعني يوم القيامة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ }يعني يوم القيامة الخير والشرّ قال : والأمس في الدنيا ، وغدٌ في الاَخرة ، وقرأ : { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ } قال : كأن لم تكن في الدنيا .

وقوله : { وَاتّقُوا الله }يقول : وخافوا الله بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه { إنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْلَمُونَ } يقول : إن الله ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرّها ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيكم على جميعها .