الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

وفي هذه الآية سبع مسائل :

الأولى- قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } في أوامره ونواهيه ، وأداء فرائضه واجتناب معاصيه . { ولتنظر نفس ما قدمت لغد } يعني يوم القيامة . والعرب تكني عن المستقبل بالغد . وقيل : ذكر الغد تنبيها على أن الساعة قريبة ، كما قال الشاعر :

وإن غدا للناظرين قَرِيبُ{[14869]}

وقال الحسن وقتادة : قرب الساعة حتى جعلها كغد . ولا شك أن كل آت قريب ، والموت لا محالة آت . ومعنى { ما قدمت } يعني من خير أو شر . { واتقوا الله } أعاد هذا تكريرا ، كقولك : اعجل اعجل ، ارم ارم . وقيل التقوى الأولى التوبة فيما مضى من الذنوب ، والثانية اتقاء المعاصي في المستقبل . { إن الله خبير بما تعملون } قال سعيد بن جبير : أي بما يكون منكم . والله اعلم .


[14869]:في فرائد اللآل: أن قائل هذا هو قراد بن أجدع للنعمان بن المنذر. ولفظ البيت: فإن يك صدر هذا اليوم ولى *** فإن غدا لناظره قريب