الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

كرر الأمر بالتقوى تأكيداً : واتقوا الله في أداء الواجبات ؛ لأنه قرن بما هو عمل ، واتقوا الله في ترك المعاصي لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد . والغد : يوم القيامة ، سماه باليوم الذي يلي يومك تقريباً له وعن الحسن : لم يزل يقربه حتى جعله كالغد . ونحوه قوله تعالى : { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس } [ يونس : 24 ] يريد : تقريب الزمان الماضي . وقيل : عبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران : يوم وغد .

فإن قلت : ما معنى تنكير النفس والغد ؟ قلت : أما تنكير النفس فاستقلال للأنفس النواظر فيما قدمْنَ للآخرة ، كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك . وأما تنكير الغد فلتعظيمه وإبهام أمره ، كأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه لعظمه . وعن مالك بن دينار : مكتوب على باب الجنة : وجدنا ما عملنا ، ربحنا ما قدّمنا . خسرنا ما خلفنا .