الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

وقوله سبحانه { يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } الآية : هذه آية وعظ وتذكير ، وتقريبٍ للآخرة ، وتحذيرٍ مِمَّنْ لا تخفي عليه خافيةٌ ، وقوله تعالى : { لِغَدٍ } : يريد يوم القيامة ، والذين نسوا اللَّه : هم الكفار ، والمعنى : تركوا اللَّه وغفلوا عنه ، حَتَّى كانوا كالناسين ، فعاقبهم بأَنْ جعلهم ينسون أنفسهم ، وهذا هو الجزاء على الذنب بالذنب ، قال سفيان : المعنى : حَظَّ أنفسهم ، ويُعْطِي لفظُ الآية أَنَّ مَنْ عرف نفسه ولم يَنْسَهَا عَرَفَ رَبَّهُ تعالى ، وقد قال عليُّ بن أبي طالب ، رضي اللَّه عنه : اعْرِفْ نفسك تَعْرِفْ ربك ، وروي عنه أَيضاً أَنَّه قال : مَنْ لم يعرفْ نفسه ، لم يعْرف ربه .