معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

{ يوفون بالنذر } هذا من صفاتهم في الدنيا أي كانوا في الدنيا كذلك . قال قتادة : أراد يوفون بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة ، وغيرها من الواجبات ، ومعنى النذر : الإيجاب . وقال مجاهد وعكرمة : إذا نذروا في طاعة الله وثوابه .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " . { ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } فاشياً ممتداً ، يقال استطار الصبح ، إذا امتد . قال مقاتل : كان شره فاشياً في السماوات فانشقت ، وتناثرت الكواكب ، وكورت الشمس والقمر ، وفزعت الملائكة ، وفي الأرض : فنسفت الجبال ، وغارت المياه ، وتكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

وقد  ذكر{[1307]} جملة من أعمالهم في أول هذه السورة ، فقال : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } أي : بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات ، وإذا كانوا يوفون بالنذر ، وهو لم يجب{[1308]}  عليهم ، إلا بإيجابهم على أنفسهم ، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية ، من باب أولى وأحرى ، { وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } أي : منتشرا فاشيا ، فخافوا أن ينالهم شره ، فتركوا كل سبب موجب لذلك .


[1307]:- في ب: ثم ذكر.
[1308]:- في ب: الذي هو غير واجب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

ثم يعرف بهؤلاء الأبرار عباد الله الذين قسم لهم هذا المتاع :

( يوفون بالنذر ، ويخافون يوما كان شره مستطيرا ، ويطعمون الطعام - على حبه - مسكينا ويتيما وأسيرا . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) . .

وهي صورة وضيئة شفافة لقلوب مخلصة جادة عازمة على الوفاء لله بتكاليف العقيدة ، مع رحمة ندية بعباده الضعاف ، وإيثار على النفس ، وتحرج وخشية لله ، ورغبة في رضاه ، وإشفاق من عذابه تبعثه التقوى والجد في تصور الواجب الثقيل .

( يوفون بالنذر )فيفعلون ما اعتزموا من الطاعات ، وما التزموا من الواجبات . فهم يأخذون الأمر جدا خالصا لا يحاولون التفلت من تبعاته ، ولا التفصي من أعبائه ، ولا التخلي عنه بعد اعتزامه . وهذا معنى أنهم يوفون بالنذر . فهو أعم من المعنى العرفي المتبادر من كلمة( النذر ) .

( ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) . . فهم يدركون صفة هذا اليوم ، الذي يتفشى شره ويصيب الكثيرين من المقصرين والمسيئين . فيخافون أن ينالهم شيء من شره . وهذه سمة الأتقياء ، الشاعرين بثقل الواجب وضخامة التكاليف ، الخائفين من التقصير والقصور ، مهما قدموا من القرب والطاعات .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

يوفون بالنذر استئناف ببيان ما رزقوه لأجله كأنه سئل عنه فأجيب بذلك وهو أبلغ في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات لأن من وفى بما أوجبه على نفسه لله تعالى كان أوفى بما أوجبه الله تعالى عليه ويخافون يوما كان شره شدائده مستطيرا فاشيا غاية الانتشار من استطار الحريق والفجر وهو أبلغ من طار وفيه إشعار بحسن عقيدتهم واجتنابهم عن المعاصي .