غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

1

قال أهل النظم : حين وصف سعادة الأبرار كان لسائل أن يسأل : ما لهم يرزقون ذلك ؟ فأجاب بقوله { يوفون بالنذر } وفيه أن الذي وفى بما أوجبه على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى . ذكر الواحدي في البسيط والزمخشري في الكشاف وكذا الإمامية أطبقوا على أن السورة نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولاسيما في هذه الآي . يروى عن ابن عباس أن الحسن والحسين مرضاً فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه فقال : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن أبرأهما الله يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهما شيء ، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير فطحنت فاطمة منها صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : السلام عليكم يا أهل محمد ، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فآثروه وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياماً . فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه . ووقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك . فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال : ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم . وقام وانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد لصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرائيل وقال : خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فاقرأه السورة . ويروى أن السائل في الليالي جبرائيل أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه . ووصفهم الله سبحانه بالخوف من أهوال القيامة في موضعين أولاً في قوله { ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } أي مكروهه مستطيراً فاشياً منتشراً من استطار الحريق ، ومنه الفجر المستطير وأصله من طار . والغرض أنه تسع مكاره ذلك اليوم جميع المكلفين حتى الأنبياء يقولون : نفيس إلا نبينا محمد فإنه يقول " أمتي أمتي " والسماوات يتفطرن والكواكب ينتثرن إلى غير ذلك من المكاره والأهوال . ولا ينافي هذا أمن المسلمين في الآخرة على قال { لا يحزنهم الفزع الأكبر } [ الأنبياء : 103 ] وثانياً في قوله { إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً } وإذا كان حال أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أو حال الأبرار على العموم في الخوف من الله إلى هذه الغاية فغيرهم أولى بالخوف .

/خ31