فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

وجملة { يُوفُونَ بالنذر } مستأنفة مسوقة لبيان ما لأجله رزقوا ما ذكر ، وكذا ما عطف عليها ، ومعنى النذر في اللغة : الإيجاب ، والمعنى : يوفون بما أوجبه الله عليهم من الطاعات . قال قتادة ومجاهد : يوفون بطاعة الله من الصلاة والحج ونحوهما . وقال عكرمة : يوفون إذا نذروا في حق الله سبحانه ، والنذر في الشرع ما أوجبه المكلف على نفسه ، فالمعنى : يوفون بما أوجبوه على أنفسهم . قال الفراء : في الكلام إضمار : أي كانوا يوفون بالنذر في الدنيا . وقال الكلبي : يوفون بالعهد : أي يتممون العهد . والأولى حمل النذر هنا على ما أوجبه العبد على نفسه من غير تخصيص { ويخافون يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } المراد يوم القيامة ، ومعنى استطارة شرّه : فشوّه وانتشاره ، يقال : استطار يستطير استطارة ، فهو مستطير ، وهو استفعل من الطيران ، ومنه قول الأعشى :

فباتت وقد أثارت في الفؤا *** د صدعاً على نأيها مستطيرا

والعرب تقول : استطار الصدع في القارورة والزجاجة : إذا امتدّ ، ويقال استطار الحريق : إذا انتشر . قال الفرّاء : المستطير المستطيل . قال قتادة : استطار شرّ ذلك اليوم حتى ملأ السماوات والأرض . قال مقاتل : كان شرّه فاشياً في السموات فانشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة ، وفي الأرض نسفت الجبال وغارت المياه .

/خ12