فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

{ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ( 7 ) }

{ يوفون بالنذر } يتمون العهود ؛ والنذر هو إيجاب المكلف على نفسه عن الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه .

{ ويخافون } ويحذرون .

{ شره مستطيرا } هوله فاشيا ، وبلاؤه وفزعه منتشرا ممتدا .

ينال الأبرار ما أعد لهم من النعيم جزاء وفائهم بالعقود ، وإتمام العهود ، وخوفهم من اليوم الموعود ، الذي تذهب فيه كل مرضعة عما أرضعت { . . وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد }{[8530]} ، { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب }{[8531]} ، { وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر . . }{[8532]} ؛ وهكذا فمع أداء الطاعات واجتناب المنهيات يبقى المؤمن يحذر الآخرة ؛ وبهذا أثنى القرآن المجيد على أهل الفضل والمزيد ، ومما جاء في بيان حالهم : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون . أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون }{[8533]} بل وهو السبيل إلى النصر على العدو ، والطفر بالتمكين والعز ؛ قال الله تبارك وتعالى : { . . لنهلكن الظالمين . ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد }{[8534]} ؛ و{ كان } في هذه الآية قد تكون مسلوبة معنى المضى ، كما في قوله تعالى : { . . وكان ربك قديرا }{[8535]} وقوله تبارك اسمه- : { . . إن الله كان توابا رحيما }{[8536]} ؛ يقول القشيري : النذر يندرج فيه ما التزمه بإيمانه من امتثال أمر الله تعالى : قال قتادة : استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السماوات فانشقت ، وتناثرت الكواكب ، وفزعت الملائكة ؛ وفي الأرض نسفت الجبال ، وغارت المياه{[8537]} .


[8530]:- سورة الحج. من الآية 2
[8531]:- سورة لمائدة. الآية 109.
[8532]:- سورة مريم. من الآية 39.
[8533]:- سورة المؤمنون. الآيتان 60، 61.
[8534]:- سورة إبراهيم. من الآية 13، والآية 14.
[8535]:- سورة الفرقان. من الآية 54.
[8536]:- سورة النساء. من الآية 16.
[8537]:- النقول الثلاثة أوردها القرطبي جـ 19 ص 128.