معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

قوله تعالى : { وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها } قرأ حمزة : والساعة نصب عطفها على الوعد ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء ، { قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً } أي ما نعلم ذلك إلا حدساً وتوهماً . { وما نحن بمستيقنين } أنها كائنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

ويوبخون أيضا بقوله : { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ } منكرين لذلك : { مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

ثم نلقي بأبصارنا - من خلال الكلمات - إلى الفريق الآخر . فماذا نحن واجدون ? إنه التأنيب الطويل ، والتشهير المخجل ، والتذكير بشر الأقوال والأعمال :

( وأما الذين كفروا . أفلم تكن آياتي تتلى عليكم ، فاستكبرتم ، وكنتم قوماً مجرمين ? وإذا قيل : إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها . قلتم : ما ندري ما الساعة ! إن نظن إلا ظنا ، وما نحن بمستيقنين ) !

فالآن كيف ترون الحال ? ! وكيف تذوقون اليقين ? !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

{ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا } أي : إذا قال لكم المؤمنون ذلك ، { قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ } أي : لا نعرفها ، { إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا } أي : إن نتوهم وقوعها إلا توهما ، أي مرجوحا {[26368]} ؛ ولهذا قال : { وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } أي : بمتحققين .


[26368]:- (5) في أ: "مرجوعا".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

جملة { وإذا قيل إن وعد الله حق } إلخ عطف على جملة { فاستكبرتم } . والتقدير : وقلتم ما ندري ما الساعة إذا قيل لكم إن الساعة لا ريبَ فيها . وَهذانِ القولان مما تكرر في القرآن بلفظه وبمعناه ، فهو تخصيص لبعض آيات القرآن بالذكر بعد التعميم في قوله : { أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم } .

والتعريف في { الساعة } للعهد وهي ساعة البعث ، أي زمان البعث كما عبر عنه باليوم . وقرأ الجمهور { والساعة لا ريب فيها } برفع { الساعة } عطف على جملة { إن وعد الله حق } . وقرأه حمزة وحده بنصب { والساعة } عطفاً على { إن وعد الله } من العطف على معمولي عامل واحد . ومعنى { ما ندري ما الساعة } ما نعلم حقيقة الساعة ونفي العلم بحقيقتها كناية عن جحد وقوع الساعة ، أي علمنا أنها لا وقوع لها ، استناداً للتخيلات التي ظنوها أدلةً كقولهم : { أإذا كنا عظاماً ورفاتاً إنا لمبعوثون خلقاً جديداً } [ الإسراء : 49 ] .

وقوله : { إن نظن إلا ظناً } ظاهر في أنه متصل بما قبله من قولهم : { ما ندري ما الساعة } ، ومبين بما بعده من قوله : { وما نحن بمستيقنين } وموقعه ومعناه مشكل ، وفي نظمه إشكال أيضاً .

فأما الإشكال من جهة موقعه ومعناه فلأن القائلين موقنون بانتفاء وقوع الساعة لما حُكي عنهم آنفاً من قولهم : { ما هي إلا حياتنا الدنيا } [ الجاثية : 24 ] الخ فلا يحق عليهم أنهم يظنون وقوع الساعة بوجه من الوجوه ولو احتِمالاً .

ولا يستقيم أن يطلق الظن هنا على الإيقان بعدم حصوله فيعضِل معنى قولهم { إن نظن إلا ظناً } ، فتأوله الفخر فقال : إن القوم كانوا فريقين ، وأن الذين قالوا { إن نظن إلا ظناً } فريق كانوا قاطعين بنفي البعث والقيامةِ وهم الذين ذكرهم الله في الآية المتقدمة بقوله : { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا } [ الجاثية : 24 ] . ومنهم من كان شاكاً متحيراً فيه وهم الذين أراد الله بهذه الآية اهـ .

وأقول : هذا لا يستقيم لأنه لو سلم أن فريقاً من المشركين كانوا يشكون في وقوع الساعة ولا يجزمون بانتفائه فإن جمهرة المشركين نافون لوقوعها فلا يناسب مقامَ التوبيخ تخصيصُه بالذين كانوا مترددين في ذلك . والوجه عندي في تأويله : إما يكون هذا حكاية لاستهزائهم بخبر البعث فإذا قيل لهم : { الساعة لا ريب فيها } قالوا استهزاء { ما نظنّ إلاّ ظنّاً } ، ويدل عليه قوله عقبه { وحاقَ بهم ما كانوا به يستهزئون } [ الجاثية : 33 ] .

وتأوله ابن عطية بأن معناه إن نظن بعدَ قبول خبركم إلا ظنًّا وليس يعطينا يقيناً اه ، أي فهو إبطالهم لخصوص قول المسلمين : الساعة لا ريب فيها .

وأما إشكاله من جهة النظم فمرجع الإشكال إلى استثناء الظن من نفسه في قوله : { إن نظن إلا ظناً } فإن الاستثناء المفرغ لا يصح أنْ يكون مفرغاً للمفعول المطلق لانتفاء فائدة التفريغ . والخلاصُ من هذا ما ذهب إليه ابن هشام في « مغني اللّبيب » أن مصحح الاستثناء الظن من نفسه أن المسْتثنَى هو الظن الموصوفُ بما دل عليه تنكيره من التحقير المشعرِ به التنوينُ على حد قول الأعشى :

أحل به الشيب أثْقاله *** وما اغتره الشيبُ إلا اغترارا{[381]}

أي ، إلا ظناً ضعيفاً .

ومفعولا { نظن } محذوفان لدليل الكلام عليهما . والتقدير : إن نظن الساعةَ واقعة .

وقولهم : { وما نحن بمستيقنين } يفيد تأكيد قولهم { ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً } ، وعطفه عطف مرادف ، أي للتشريك في اللفظ . والسين والتاء في { بمستيقنين } للمبالغة في حصول الفعل .


[381]:- روي بالعين المهملة في اللفظين وبالغين المعجمة وهو أظهر.