قوله : { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ الله حَقٌّ } العامة على كسر الهمزة ؛ لأنها محكيَّةٌ بالقول ، والأعْرَجُ وعمرو بن فائدٍ بفتحها{[50748]} . وذلك مُخَرَّجُ على لغة سُلَيْمٍ يُجْرون القول مُجْرَى الظَّنِّ مطلقاً ومنه قوله :
4447 إذَا قُلْتُ أَنِّي آيِبٌ أهْلَ بَلْدَةِ *** . . . . . . . . . . . . . . . . {[50749]}
قوله : «وَالسَّاعة : قرأ حمزة بنصبها عطفاً على «وَعْدَ اللهِ{[50750]} » والباقون برفعها ، وفيه ثلاثة أوجه :
الأول : الابتداء ، ما بعدها من الجملة المنفية خبرها{[50751]} .
الثاني : العطف على محل إنّ واسمها معاً ، لأن بعضهم كالفارسيِّ والزمخشري يَرَوْنَ أن ل «إنّ » واسْمِها موضعاً وهو الرفع بالابتداء{[50752]} .
قوله : «إلاَّ ظَنًّا » : هذه الآية لا بدّ فيها من تأويل ، وذلك أنه يجوز تفريغ العامل لما بعده من جميع معمولاته مرفوعاً كان أم غير مرفوع ، إلا المفعول المطلق ، فإنه لا يفرغ له ، لا يجوز : مَا ضَرَبْتُ إلاَّ ضَرْباً ؛ لأنه لا فائدة ، وذلك أنه بمنزلة تكرير الفعل ، فكأنه في قوة : مَا ضَرَبْتُ إلاَّ ضَرْبت . قاله{[50753]} مكي وأبو البقاء{[50754]} . وقال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى : إنْ نَظُنُّ إلاَّ ظَنًّا ؟ قلت : أصله نظن ظنًّا ، ومعناه إثبات الظن حسبُ ، وأدخل حرف النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن ونفي ما سواه ويزيدُ نفي ما سوى الظن توكيداً بقوله : { وَمَا نَحْنُ{[50755]} بِمُسْتَيْقِنِينَ } . فظاهر كلامه أنه لا يتأول الآية بل حملها على ظاهرها .
قال أبو حيان : وهذا كلام من لا شُعُور له بالقاعدة النحوية من أن التفريغ يكون في جميع المعمولات من فاعل أو مفعولٍ وغيرهما إلا المصدر المؤكد ، فإنه لا يكون فيه{[50756]} .
وقد اختلف الناس في تأويلها على أوجه :
أحدها : ماقاله المبرد وهو أن الأصل : إنْ نَحْنُ إلاَّ نَظُنُّ ظَنًّا{[50757]} قال : ونظيره ما حكاه أبو عمرو{[50758]} : لَيْسَ الطِّيبُ إلاَّ المسكُ . تقديره ليس إلا الطيبُ المسكُ . قال شهاب الدين : يعني أن اسم «ليس » ضمير الشأن مستتر فيها و «إلا الطيب المسك » في محل نصب خبرها . وكأنه خفي عليه أن لغة تميم إبطال عمل ليس إذا انْتَقَضَ نفيها «بإلا » قياساً على «ما الحجازية » . والمسألة طويلة مذكورة في كتب النحو{[50759]} ، وعليها حكاية جَرَتْ بين أبي عمرو ، وعيسى ببن عُمَرَ{[50760]} .
الثاني : أنّ «ظَنًّا : له صفة محذوفة تقديره : إلاّ ظَنًّا بَيِّناً ، فهو مختص لا مؤكد{[50761]} .
الثالث : أن يضمن ( نظن ) معنى «نعتقد » فينتصب «ظناً » مفعولاً به لا مصدراً{[50762]} .
الرابع : أن الأصْل إنْ نَظُنُّ إلاَّ أنَّكُم تَظُنُّونَ ظَنًّا ، فحذف هذا كله وهو معزوٌّ للمبرد أيضاً{[50763]} . وقد رده عليه من حيث إنه حذف إنّ واسمها وخبرها وأبقى المصدر .
وهذا لا يجوز{[50764]} .
الخامس : أن الظن يكون بمعنى العلم والشك ، فاستثني الشك كأنه قيل : مالنا اعتقاد إلاّ الشك{[50765]} . ومثل الآية قول الأعشى :
4448 وَحَلَّ بِهِ الشَّيْبُ أَثْقَالَهُ *** وَمَا اغْتَرَّهُ الشَّيْبُ إلاََّ اغْتِرَارَا{[50766]}
قال ابن الخطيب : القوم كانوا في هذه المسألة على قولين ، منهم من كان قاطعاً بنفي البعث والقيامة وهم المذكورون في قوله تعالى : { وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا } [ الجاثية : 24 ] ومنهم من كان شاكًّا متحيراً فيه ؛ لأنهم من كثرة ما سمعوه من الرسول عليه الصلاة والسلام ولكثرة ما سمعوه من دلائل القول بصحّته صاروا شاكين فيه ، وهم المذكورون في هذه الآية ، ويدل على ذلك أنه تعالى حكى مذهب أولئك القاطعين ، ثم أتبعه بحكاية قول هؤُلاء ، فوجب كون هؤلاء مغايرين للفريق الأول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.