جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ إِنّ وعْدَ اللّهِ حَقّ وَالسّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مّا نَدْرِي مَا السّاعَةُ إِن نّظُنّ إِلاّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ويقال لهم حينئذٍ : وَإذَا قِيلَ لكم إنّ وَعْدَ اللّهِ الذي وعد عباده ، أنه محييهم من بعد مماتهم ، وباعثهم من قبورهم حَقّ ، وَالسّاعَةُ التي أخبرهم أنه يقيمها لحشرهم ، وجمعهم للحساب والثواب على الطاعة ، والعقاب على المعصية ، آتية لا رَيْبَ فِيها يقول : لا شكّ فيها ، يعني في الساعة ، والهاء في قوله : فِيها من ذكر الساعة . ومعنى الكلام : والساعة لا ريب في قيامها ، فاتقوا الله وآمنوا بالله ورسوله ، واعملوا لما ينجيكم من عقاب الله فيها ، قُلْتُم ما نَدْرِي ما السّاعَةُ تكذيبا منكم بوعد الله جلّ ثناؤه ، وردّا لخبره ، وإنكارا لقُدرته على إحيائكم من بعد مماتكم .

وقوله : إنْ نَظُنّ إلاّ ظَنا يقول : وقلتم ما نظنّ أن الساعة آتية إلاّ ظنا وَما نحْنُ بِمُسْتَيْقِنينَ أنها جائية ، ولا أنها كائنة .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : والسّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة و السّاعَةُ رفعا على الابتداء . وقرأته عامة قرّاء الكوفة «والسّاعَةَ » نصبا عطفا بها على قوله : إنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ .

والصواب من القول في ذلك عندنا ، أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار صحيحتا المخرج في العربية متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .