فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱلسَّاعَةُ لَا رَيۡبَ فِيهَا قُلۡتُم مَّا نَدۡرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُسۡتَيۡقِنِينَ} (32)

{ وَ } كنتم { إِذَا قِيلَ } لكم أيها الكفار : { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي وعده بالبعث والحساب ، والجزاء ، أو بجميع ما وعد به من الأمور المستقبلة واقع لا محالة ، والعامة على كسر الهمزة ؛ لأنها محكية بالقول وقرئ بفتحها ، وذلك مخرج على لغة سليم يجرون القول مجرى الظن مطلقا قاله السمين .

{ وَالسَّاعَةُ } قرأ الجمهور بالرفع على الابتداء أو العطف على موضع اسم إن وقرئ بالنصب على اسم إن أي القيامة { لَا رَيْبَ فِيهَا } أي في وقوعها { قُلْتُمْ } استغرابا واستبعادا وإنكارا لها :

{ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ } أي أيّ شيء هي { إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا } أي نحدس حدسا ، ونتوهم توهما ، قال المبرد : تقديره إن نحن إلا نظن ظنا . وقيل التقدير إن نظن إلا أنكم تظنون ظنا ، وقيل : إن نظن مضمن معنى نعتقد أي ما نعتقد إلا ظنا لا علما ، وقيل : إن ظنا له صفة مقدرة أي إلا ظنا بينا ، وقيل إن الظن يكون بمعنى العلم والشك ، فكأنهم قالوا ما لنا اعتقاد إلا الشك ، ولعل ذلك قول بعضهم ، تحيروا بين ما سمعوا من آبائهم وما تلي عليهم في أمر الساعة { وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } أي لم يكن لنا يقين بذلك ، ولم يكن معنا إلا مجرد الظن أن الساعة آتية .