معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

فقال الهدهد ما أخبر الله عنه في قوله : { فمكث }قرأ عاصم ، ويعقوب ( فمكث ) بفتح الكاف ، وقرأ الآخرون : بضمها وهما لغتان{ غير بعيد } أي : غير طويل ، { فقال أحطت بما لم تحط به } والإحاطة : العلم بالشيء من جميع جهاته ، يقول : علمت ما لم تعلم ، وبلغت ما لم تبلغه أنت ولا جنودك ، { وجئتك من سبإ } قرأ أبو عمرو ، والبزي عن ابن كثير من سبأ و لسبأ في سورة سبأ ، مفتوحة الهمزة ، وقرأ القواس عن ابن كثير : ساكنة بلا همز ، وقرأ الآخرون بالجر ، فمن لم يجره جعله اسم البلد ، ومن جره جعله اسم رجل ، فقد جاء في الحديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن سبأ فقال : كان رجلاً له عشرة من البنين تيامن منهم ستة وتشاءم أربعة " . { بنبأ } بخبر ، { يقين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

{ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } ثم جاء وهذا يدل على هيبة{[594]} جنوده منه وشدة ائتمارهم لأمره ، حتى إن هذا الهدهد الذي خلفه العذر الواضح لم يقدر على التخلف زمنا كثيرا ، { فَقَالَ } لسليمان : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } أي : عندي العلم علم ما أحطت به على علمك الواسع وعلى درجتك فيه ، { وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ } القبيلة المعروفة في اليمن { بِنَبَإٍ يَقِينٍ } أي : خبر متيقن .


[594]:- كذا في ب، وفي أ: هيبته.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما كان من الهدهد ، فقال : { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } أى فمكث الهدهد زماناً غير بعيد من تهديد سليمان له ، ثم أتاه فقال له : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } أى : علمت أشياء أنت لم تعلمها . وابتدأ كلامه بهذه الجملة التى فيها ما فيها من المفاجآت لترغيبه فى الإصغاء إليه ، ولاستمالة قلبه لقبول عذره بعد ذلك .

قال صاحب الكشاف : " ألهم الله الهدهد فكافح سليمان بهذا الكلام ، على ما أوتى من فضل النبوة والحكمة والعلوم الجمة ، والإحاطة بالمعلومات الكثيرة ، ابتلاء له فى علمه ، وتنبيهاً على أن فى أدنى خلقه وأضعفه من أحاط علماً بما لم يحط به ، لتتحاقر إليه نفسه ، ويتصاغر إليه علمه ، ويكون لطفاً له فى ترك الإعجاب الذى هو فتنة العلماء . . " .

وقوله : { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } تفسير وتوضيح لقوله قبل ذلك : أحطت بما لم تحط به ، وسبأ فى الأصل : اسم لسبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ثم صار بعد ذلك اسما لحى من الناس سموا باسم أبيهم ، أو صار اسما للقبيلة ، أو لمدينة تعرف بمأرب باليمن .

بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال .

وقد قرأ بعضهم هذا اللفظ بالتنوين باعتباره اسم رجل ، وقرأه آخرون بغير تنوين لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث .

أى : قال الهدهد لسليمان بادئاً حديثه بما يشير إلى قبول عذره : علمت شيئاً أنت لم تعلمه ، وجئتك من جهة قبيلة سبأ بنبأ عظيم خطير ، أنا متيقن من صدقه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

يقول تعالى : { فَمَكَثَ } الهدهد { غَيْرَ بَعِيدٍ } أي : غاب زمانًا يسيرًا ، ثم جاء فقال لسليمان : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } أي : اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك ، { وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } أي : بخبر صدق حق يقين .

وسبأ : هم : حِمْير ، وهم ملوك اليمن .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

{ فمكث غير بعيد } زمانا غير مديد يريد به الدلالة على سرعة رجوعه خوفا منه ، وقرأ عاصم بفتح الكاف . { فقال أحطت بما لم تحط به } يعني حال سبأ ، وفي مخاطبته إياه بذلك تنبيه له على أن في أدنى خلق الله تعالى من أحاط علما بما لم يحط به لتتحاقر إليه نفسه ويتصاغر لديه علمه ، وقرئ بإدغام الطاء في التاء بإطباق وبغير إطباق . { وجئتك من سبأ } وقرأ ابن كثير برواية البزي وأبو عمرو غير مصروف على تأويل القبيلة والبلدة والقواس بهمزة ساكنة . { بنبأ يقين } بخبر متحقق روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتم بناء بيت المقدس تجهز للحج فوافى الحرم وأقام بها ما شاء ، ثم توجه إلى اليمن فخرج من مكة صباحا فوافى صنعاء ظهيرة فأعجبته نزاهة أرضها فنزل بها ثم لم يجد الماء -وكان الهدهد رائده لأنه يحسن طلب الماء- فتفقده لذلك فلم يجده إذ حلق حين نزل سليمان فرأى هدهدا واقعا فانحط الهي فتواصفا وطار معه لينظر ما وصف له ، ثم رجع بعد العصر وحكى ما حكى ، ولعل في عجائب قدرة الله وما خص به خاصة عباده أشياء أعظم من ذلك يستكبرها من يعرفها ويستنكرها من ينكرها .