بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

قوله عز وجل : { مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } قرأ عاصم بنصب الكاف . وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان : ومعناهما واحد . يعني : لم يلبث إلا قليلاً . ويقال : لم يظل الوقت حتى جاء الهدهد { فَقَالَ أَحَطتُ } وفي الآية مضمر ، ومعناه فمكث غير بعيد أن جاءه الهدهد . فقال له سليمان : أين كنت ؟ فخرّ له ساجداً وقال : أحطت { بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } يعني : علمت ما لم تعلم ، وجئتك بخبر لم تكن تعلمه ، ولم يخبرك عنه أحد ثم أخبره فقال : { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } فإن قيل : كيف يجوز أن يقال إن سليمان لم يعلم به ، وكانت أرض سبأ قريبة منه ، وهناك ملك لم يعلم به سليمان ؟ قيل له : علم به سليمان ، ولكنه لم يعلم أنهم يسجدون للشمس . ويقال : إنه علم بها ، ولكنه لم يعلم أن ملكها قد بلغ هذا المبلغ ، وعلم أنهم أهل الضلالة ، والإحاطة هي العلم بالأشياء بما فيها وجهتها كما قال { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ } ، يعني : من أرض سبأ ، وهي مدينة باليمن بنبأ يقيني يعني : بخبر صدق لا شك فيه . ويقال : بخبر عجيب .

قرأ ابن كثير وأبو عمرو { سَبَإٍ } بالنصب بغير تنوين . وقرأ الباقون بالكسر والتنوين ، فمن قرأ بالنصب جعله اسم مدينة ، وهي مؤنثة لا تنصرف ، ومن قرأ بالكسر والتنوين جعله اسم الرجل . ويقال : جعله اسم مكان .