معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } . من عدوكم ، أي : عدتكم وآلتكم من السلاح ، والحذر ، والحذر واحد ، كالمثل ، والمثل . والشبه ، والشبه .

قوله تعالى : { فانفروا } اخرجوا .

قوله تعالى : { ثبات } أي : سرايا متفرقين ، سرية بعد سرية ، والثبات جماعات في تفرقة ، واحدتها ثبة .

قوله تعالى : { أو انفروا جميعاً } أي : مجتمعين كلكم مع النبي صلى الله عليه وسلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا * وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا * فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }

يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين . وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب ، التي بها يستعان على قتالهم ويستدفع مكرهم وقوتهم ، من استعمال الحصون والخنادق ، وتعلم الرمي والركوب ، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك ، وما به يعرف مداخلهم ، ومخارجهم ، ومكرهم ، والنفير في سبيل الله .

ولهذا قال : { فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ } أي : متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش ، ويقيم غيرهم { أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا } وكل هذا تبع للمصلحة والنكاية ، والراحة للمسلمين في دينهم ، وهذه الآية نظير قوله تعالى : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

ثم وجهت السورة الكريمة نداء إلى المؤمنين أمرتهم فيه بالاستعداد للجهاد فى سبيل الله من أجل إعلاء كلمته ، بعد أن أمرتهم قبل ذلك بطاعته وبطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الذين . . . فَوْزاً عَظِيماً } .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ( 71 ) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا ( 72 ) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ( 73 )

قال القرطبى : قوله - تعالى - { يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ } هذا خطاب للمؤمنين المخلصين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمر لهم بجهاد الكفار والخروج فى سبيل الله ، وحماية الشرع .

ووجه النظم والاتصال بما قبله أنه لما ذكر طاعة الله وطاعة رسوله أمر أهل الطاعة بالقيام بإحياء دينه وإعلاء دعوته . وأمرهم ألا يقتحموا على عدوهم حتى يتحسسوا إلى ما عندهم ، ويعلموا كيف يردون عليهم ، فذلك أثبت لهم فقال " خذوا حذركم " فعلمهم مباشرة الحروب . ولا ينافى هذا التوكل بل هو عين التوكل . .

والحِذْر والحذَر واحد كالإِثر والأثر . يقال : أخذ فلان حذره ، إذا تيقظ واحترز ما يخشاه ويخافه . فكأنه جعل الحذر آلته التى بقى بها نفسه ويعصم بها روحه . فالكلام على سبيل الكناية والتخيل . بتشبيه الحذر بالسلاح وآلة الوقاية .

والمعنى : استعدوا - أيها المؤمنون - لأعدائكم ، وكونوا على يقظة منهم ، وكونوا متأهبين للقائهم دائماً بالإِيمان القوى ، وبالسلاح الذى يفل سلاحهم .

هذا ، وللأستاذ الإِمام محمد عبده كلام حسن فى هذا المعنى ، فقد قال - رحمه الله - ما ملخصه : " الحذر : الاحتراس والاستعداد لاتقاء شر العدو ، وذلك بأن نعرف حال العدو ومبلغ استعداده وقوته ومعرفة أرضه وبلاده وفى أمثال العرب ( قتلت أرض جاهلها ) . ويدخل فى الحذر والاستعداد معرفة الأسلحة وكيفية استعمالها فكل ذلك وغيره يدخل تحت الأمر بأخذ الحذر .

وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه عارفين بأرض عدوهم ، وكان للنبى صلى الله عليه وسلم جواسيس يأتونه بأخبار مكة ، ولما أخبروه بنقض قريش للعهد استعد لفتحها ، وقال أبو بكر لخالد يوم حرب اليمامة ( حاربهم بمثل ما يحاربونك به : السيف بالسيف ، والرمح بالرمح ) . وهذه كلمة جليلة فالقول وعمل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، كل ذلك دال على أن الاستعداد يختلف باختلاف حال العدو وقوته .

فأنت ترى أن هذه الجملة الكريمة { خُذُواْ حِذْرَكُمْ } دعوة للمؤمنين فى كل زمان ومكان إلى حسن الاستعداد لمجابهة أعدائهم بشتى الأساليب وبمختلف الوسائل التى تجعل الأمة الإِسلامية يرهبها أعداؤها سواء أكانوا فى داخلها أم فى خارجها .

وقوله { فانفروا ثُبَاتٍ أَوِ انفروا جَمِيعاً } تفريع على أخذ الحذر ؛ لأنهم إذا أخذوا حذرهم ، عرفوا كيف يتخيرون أسلوب القتال المناسب لحال أعدائهم وقوله { فانفروا } من النفر وهو الخروج إلى عمل من الأعمال بسرعة . ومنه قوله - تعالى - { وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدين وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رجعوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } والمراد بقوله { فانفروا } هنا : أى اخرجوا إلى قتال أعدائكم بهمة ونشاط .

ويقال : نفر القوم ينفرون نفرا ونفيرا إذا نهضوا لقتال عدوهم .

واستنفر الإِمام الناس إذا حضهم على جهاد أعدائهم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " وإذا استنفرتم فانفروا " والنفير . اسم للقوم الذين ينفرون .

وقوله { ثُبَاتٍ } جمع ثبة وهى الجماعة والعصبة من الفرسان . مأخوذة من ثبا يثبوا أى اجتمع .

والمعنى . عليكم - أيها المؤمنون - أن تكونوا دائما على استعداد للقاء أعدائكم ، ولا تغفلوا عن كيدهم . فإذا ما حان الوقت لقتالهم فاخرجوا إليهم مسرعين جماعة فى إثر جماعة ؛ أو فاخرجوا إليهم مجتمعين فى جيش واحد ، فإن قتالكم لأعداكم أحيانا يتطلب خروجكم فرقة بعد فرقة ، وأحيانا يتطلب خروجكم مجتمعين ، فاسلكوا فى قتالكم لأعدائكم الطريقة المناسبة لدحرهم والتغلب عليهم .

وقوله { ثُبَاتٍ } منصوب على الحال من الضمير فى قوله { انفروا } وكذلك قوله { جَمِيعاً } أى انفروا متفرقين أو انفروا مجتمعين أى ، ليكن نفوركم على حسب ما تقتضيه طبيعة المعركة .

قال الآلولسى : قوله { أَوِ انفروا جَمِيعاً } أى مجتمعين جماعة واحدة . ويسمى الجيش إذا اجتمع ولم ينتشر كتيبة . وللقطعة المنتخبة المقتطعة منه سرية وهى من خمسة أنفس إلى ثلثمائة أو أربعمائة . وما زاد على السرية فمنسر - كمجلس ومنبر - إلى الثمانمائة . فإن زاد يقال له جيش إلى أربعة آلاف .

فإن زاد يسمى جحفلا . فإن يسمى خميسا وهو الجيش العظيم . وما افترق من السرية يسمى بعثا . والآية وإن نزلت فى الحرب لكن فيها إشارة إلى الحق على المبادرة إلى الخيرات كلها كيفما أمكن قبل الفوات .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

71

( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم . فانفروا ثبات ، أو انفروا جميعا . وإن منكم لمن ليبطئن . فإن أصابتكم مصيبة قال : قد أنعم الله علي ، إذ لم أكن معهم شهيدا . ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن - كأن لم تكن بينكم وبينه مودة - يا ليتني كنت معهم ، فأفوز فوزا عظيما ) . .

إنها الوصية للذين آمنوا : الوصية من القيادة العليا ، التي ترسم لهم المنهج ، وتبين لهم الطريق . وإن الإنسان ليعجب ، وهو يراجع القرآن الكريم ؛ فيجد هذا الكتاب يرسم للمسلمين - بصفة عامة طبعا - الخطة العامة للمعركة وهي ما يعرف باسم " استراتيجية المعركة " . ففي الآية الأخرى يقول للذين أمنوا : ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ، وليجدوا فيكم غلظة ) . فيرسم الخطة العامة للحركة الإسلامية . وفي هذه الآية يقول للذين آمنوا : ( خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعًا ) وهي تبين ناحية من الخطة التنفيذية أو ما يسمى " التاكتيك " . وفي سورة الأنفال جوانب كذلك في الآيات : ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) . . . الآيات .

وهكذا نجد هذا الكتاب لا يعلم المسلمين العبادات والشعائر فحسب ؛ ولا يعلمهم الآداب والأخلاق فحسب - كما يتصور الناس الدين ذلك التصور المسكين ! إنما هو يأخذ حياتهم كلها جملة . ويعرض لكل ما تتعرض له حياة الناس من ملابسات واقعية . . ومن ثم يطلب - بحق - الوصاية التامة على الحياة البشرية ؛ ولا يقبل من الفرد المسلم ولا من المجتمع المسلم ، أقل من أن تكون حياته بجملتها من صنع هذا المنهج ، وتحت تصرفه وتوجيهه . وعلى وجه التحديد لا يقبل من الفرد المسلم ، ولا من المجتمع المسلم أن يجعل لحياته مناهج متعددة المصادر : منهجا للحياة الشخصية ، وللشعائر والعبادات ، والأخلاق والآداب ، مستمدا من كتاب الله . ومنهجا للمعاملات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدولية ، مستمدا من كتاب أحد آخر ؛ أو من تفكير بشري على الإطلاق ! إن مهمة التفكير البشري أن تستنبط من كتاب الله ومنهجة أحكاما تفصيلية تطبيقية لأحداث الحياة المتجددة ، وأقضيتها المتطورة - بالطريقة التي رسمها الله في الدرس السابق من هذه السورة - ولا شيء وراء ذلك . وإلا فلا أيمان أصلا ولا إسلام . لا إيمان ابتداء ولا إسلام ، لأن الذين يفعلون ذلك لم يدخلوا بعد في الإيمان ، ولم يعترفوا بعد بأركان الإسلام . وفي أولها : شهادة أن لا إله إلا الله ، التي ينشأ منها أن لا حاكم إلا الله ، وأن لا مشرع إلا الله .

وها هو ذا كتاب الله يرسم للمسلمين جانبا من الخطة التنفيذية للمعركة ؛ المناسبة لموقفهم حينذاك . ولوجودهم بين العداوات الكثيرة في الخارج . والمنافقين وحلفائهم اليهود في الداخل . وهو يحذرهم ابتداء :

( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ) . .

خذو حذركم من عدوكم جميعا . وبخاصة المندسين في الصفوف من المبطئين ، الذين سيرد ذكرهم في الآية : ( فانفروا ثبات أو انفروا جميعًا ) . .

ثبات . جميع ثبة : أي مجموعة . . والمقصود لا تخرجوا للجهاد فرادى . ولكن اخرجوا مجموعات صغيرة ، أو الجيش كله . . حسب طبيعة المعركة . . ذلك أن الآحاد قد يتصيدهم الإعداء ، المبثوثون في كل مكان . وبخاصة إذا كان هؤلاء الأعداء منبثين في قلب المعسكر الإسلامي . . وهم كانوا كذلك ، ممثلين في المنافقين ، وفي اليهود ، في قلب المدينة .

وإن منكم لمن ليبطئن . فإن أصابتكم مصيبة قال : قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا . ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن - كأن لم تكن بينكم وبينه مودة - يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيمًا . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

هذا خطاب للمخلصين من أمة محمد عليه السلام ، وأمر لهم بجهاد الكفار ، والخروج في سبيل الله ، وحماية الشرع ، و { خذوا حذركم }{[4145]} ، معناه : احزموا واستعدوا بأنواع الاستعداد ، فهنا يدخل أخذ السلاح وغيره ، و { انفروا } معناه : اخرجوا مجدين مصممين ، يقال : نفر الرجل ينفِر بكسر الفاء نفيراً ، ونفرت الدابة تنفُر بضم الفاء نفوراً ، و { ثبات } معناه : جماعات متفرقات ، فهي كناية عن السرايا و { جميعاً } ، معناه : الجيش الكثيف مع النبي صلى الله عليه وسلم ، هكذا قال ابن عباس وغيره ، والثبة : حكي أنها فوق العشيرة من الرجال ، وزنها فعلة بفتح العين ، أصلها ثبوة ، وقيل : ثبية ، حذفت لامها بعد أن تحركت وانقلبت ألفاً حذفاً غير مقيس ، ولذلك جمعت ثبون ، بالواو والنون عوضاً من المحذوف وكسر أولها في الجمع دلالة على خروجها عن بابها ، لأن بابها أن تجمع بالتاء أبداً ، فيقال : { ثبات } ، وتصغر ثبية أصلها ثبيوة ، وأما ثبة الحوض وهي وسطه الذي يثوب الماء إليه ، فالمحذوف منها العين ، وأصلها ثوبة وتصغيرها ثوبية ، وهي من ثاب يثوب ، وكذلك قال أبو علي الفارسي في بيت أبي ذؤيب : [ الطويل ]

فَلَمَّا جَلاها بالأَيامِ تَحَيَّزَتْ . . . ثَبَاتٌ عَلَيْهَا ذلُّهَا واْكِتئَابُها{[4146]}

انه اسم مفرد ليس يجمع سيق على الأصل ، لأن أصل ثبة ثبوة ، تحركت بالواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفاً ، فساقها أبو ذؤيب في هذه الحال .


[4145]:- الحذر والحذر: لغتان كالمثل والمثل، قال الفراء: أكثر الكلام الحذر، والحذر مسموع أيضا.
[4146]:- قال هذا البيت ضمن أبيات يصف بها مشتار العسل الذي يتدلى بالحبل من الجبل حيث تتخذ النحل منها بيوتا، وقبله يقول: تدلى عليها بين سيب وخيطة بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها والإيام: الدخان، وجمعه أيم، وآم الرجل إياما إذا دخن على النحل ليخرج من الخلية فيأخذ ما فيها من العسل، وتحيزت: تجمعت في جماعات، كل جماعة وحدها أو اجتمع بعضها إلى بعض، وقيل: تفرقت من الدخان. وثبات: جماعات، ومفردها: ثبة، والبيت مروي في (اللسان): ثبات، ولكنه هنا ساقها ضمن كلام للفراء، وفيه تعليل لروايتها (ثباتا) بالألف.