غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

71

التفسير : إنه سبحانه عاد بعد الترغيب في طاعة الله وطاعة رسوله إلى ذكر الجهاد لأنه أشق الطاعات ولأنه أعظم الأمور التي بها تناط تقوية الدين فقال : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } والحذر والحذر بمعنى كالأثر والإثر والمثل والمثل . يقال : أخذ حذره إذا تيقظ واحترز عن المخوف كأنه جعل الحذر آلته التي يقي بها نفسه ويعصم بها روحه . والمعنى احذروا واحترزوا من العدو و لا تمكنوه من أنفسكم . وقيل : المراد بالحذر السلاح لأنه مما يتقي به ويحذر . فإن قيل : أي فائدة في هذا الأمر والحذر لا يغني عن القدر والمقدور كائن والهم فضل ؟ قلت : هذا من عالم الأسباب والوسائط المرتبطة ولا ريب أن الكل يقع على نحو ما قدّر ، فمن امتثل وترتب عليه الأثر بقدر ، ومن أهمل حتى فاتته السلامة كان أيضاً بقدر ، وهكذا شأن جميع التكاليف إذا اعتبر . { فانفروا } إلى قتال عدوّكم انهضوا لذلك قال صلى الله عليه وسلم :

" وإذا استنفرتم فانفروا " . { ثبات } جماعات متفرقة سرية بعد سرية واحدها ثبة محذوفة اللام وأصلها ثبى فعوضت الهاء عن الياء المحذوفة . والتركيب يدل على الاجتماع ومنه الثبة لوسط الحوض الذي يجتمع عنده الماء وصبيت الشيء جمعته . { أو انفروا جميعاً } مجتمعين كركبة واحدة وهذا قريب مما قاله الشاعر : طاروا إليه زرافات ووحداناً . والغرض النهي عن التخاذل وإلقاء النفس إلى التهلكة .

/خ81