إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

{ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ } الحِذْرُ والحذَرُ واحدٌ كالإثرْ والأثَرِ والشِبْهِ والشَّبَهِ أي تيقظوا واحترزوا من العدو ولا تُمْكِنوه من أنفسكم ، يقال : أخذ حِذْرَه إذا تيقظ واحترز من المَخُوف ، كأنه جعَلَ الحذَرَ آلتَه التي يقي بها نفسَه ، وقيل : هو ما يُحذر به من السلاح والحزمِ ، أي استعدوا للعدو { فانفروا } بكسر الفاءِ وقرئ بضمها أي اخرُجوا إلى الجهاد عند خروجِكم { ثُبَاتٍ } جمعُ ثُبةٍ وهي الجماعةُ من الرجال فوق العشَرةِ ووزنها في الأصل فُعَلة كحُطَمة حُذفت لامُها وعوِّض عنها تاءُ التأنيثِ ، وهل هي واوٌ أو ياء ؟ فيه قولان ، قيل : إنها مشتقةٌ من ثبا يثبو كحلا يحلو أي اجتمعَ ، وقيل : من ثبَيْتُ على الرجل إذا أثنيت عليه كأنك جمعتَ محاسنَه ويُجمع أيضاً على ثُبينَ جبراً لما حُذف من عَجْزه ، ومحلُّها النصبُ على الحالية أي انفِروا جماعاتٍ متفرقةً سَرِيةً بعد سرية { أَوِ انفروا جَمِيعاً } أي مجتمعين كوكبةً واحدةً ولا تتخاذلوا فتُلقوا بأنفسكم إلى التهلُكة .